و { الإنسان } اسم الجنس ، و «الخسر » : النقصان وسوء الحال ، وذلك بين غاية البيان في الكافر ؛ لأنه خسر الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين .
وأما المؤمن وإن كان في خسر دنياه في هرمه وما يقاسيه من شقاء هذه الدار ، فذلك معفو عنه في جنب فلاحه في الآخرة وربحه الذي لا يفنى ، ومن كان في مدة عمره في التواصي بالحق والصبر والعمل بحسب الوصاة فلا خسر معه ، وقد جمع له الخير كله ، وقرأ علي بن أبي طالب : «والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان » ، وفي مصحف عبد الله : «والعصر لقد خلقنا الإنسان في خسر » ، وروي عن علي بن أبي طالب أنه قرأ «إن الإنسان لفي خسر وإنه فيه إلى آخر الدهر إلا الذين » ، وقرأ عاصم والأعرج : «لفي خسُر » بضم السين ، وقرأ سلام أبو المنذر : «والعصِر » بكسر الصاد ، «وبالصبر » بكسر الباء ، وهذا لا يجوز إلا في الوقف على نقل الحركة ، وروي عن أبي عمرو : «بالصبِر » بكسر الباء إشماماً ، وهذا أيضاً لا يكون إلا في الوقف . نجز تفسير سورة { العصر } .
وتعريف { الإنسان } تعريف الجنس مراد به الاستغراق وهو استغراق عرفي لأنه يستغرق أفراد النوع الإِنساني الموجودين في زمن نزول الآية وهو زمن ظهور الإِسلام كما علمت قريباً . ومخصوص بالناس الذين بلغتهم الدعوة في بلاد العالم على تفاوتها . ولما استُثني منه الذين آمنوا وعملوا الصالحات بقي حكمه متحققاً في غير المؤمنين كما سيأتي . . .
والخُسر : مصدر وهو ضد الربح في التجارة ، استعير هنا لسوء العاقبة لمن يظن لنفسه عاقبةً حسنة ، وتلك هي العاقبة الدائمة وهي عاقبة الإِنسان في آخرته من نعيم أو عذاب .
وقد تقدم في قوله تعالى { فما ربحت تجارتهم } في سورة البقرة ( 16 ) وتكررت نظائره من القرآن آنفاً وبَعيداً .
والظرفية في قوله : { لفي خسر } مجازية شبهت ملازمة الخسر بإحاطة الظرف بالمظروف فكانت أبلغ من أن يقال : إن الإنسان لخاسر .
ومجيء هذا الخبر على العموم مع تأكيده بالقَسم وحرفِ التوكيد في جوابه ، يفيد التهويل والإِنذار بالحالة المحيطة بمعظم الناس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.