المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (26)

26- يريد الله أن يوضح لكم أصلح السبل ، ويدلكم على سنن الأنبياء والصالحين في الحلال والحرام ، ويتوب عليكم بالرجوع بكم إلى طريق طاعته ، والله مُطَّلِع على شؤونكم ، مدبر في أحكامه لما يصلح أمركم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (26)

قوله تعالى : { يريد الله ليبين لكم } ، أي : أن يبين لكم ، كقوله تعالى : { وأمرت لأعدل بينكم } [ الشورى :15 ] أي : أن أعدل ، وقوله : { وأمرنا لنسلم لرب العالمين } [ الأنعام :71 ] . وقال في موضع آخر { وأمرت أن أسلم } [ غافر :66 ] . ومعنى الآية : ( يريد الله أن يبين لكم ) ، أي : يوضح لكم شرائع دينكم ، ومصالح أموركم ، قال عطاء : يبين لكم ما يقربكم منه ، قال الكلبي : يبين لكم أن الصبر عن نكاح الإماء خير لكم .

قوله تعالى : { ويهديكم } ، ويرشدكم .

قوله تعالى : { سنن } ، شرائع .

قوله تعالى : { الذين من قبلكم } ، في تحريم الأمهات ، والبنات ، والأخوات ، فإنها كانت محرمة على من قبلكم ، وقيل : ويهديكم الملة الحنيفية وهي ملة إبراهيم عليه السلام . قوله تعالى : { ويتوب عليكم } ، ويتجاوز عنكم ما أصبتم قبل أن يبين لكم ، وقيل : يرجع بكم من المعصية التي كنتم عليها إلى طاعته ، وقيل : يوفقكم للتوبة .

قوله تعالى : { والله عليم } بمصالح عباده في أمر دينهم ودنياهم .

قوله تعالى : { حكيم } ، فيما دبر من أمورهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (26)

{ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا }

يخبر تعالى بمنته العظيمة ومنحته الجسيمة ، وحسن تربيته لعباده المؤمنين وسهولة دينه فقال : { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } أي : جميع ما تحتاجون إلى بيانه من الحق والباطل ، والحلال والحرام ، { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } أي : الذين أنعم الله عليهم من النبيين وأتباعهم ، في سيرهم الحميدة ، وأفعالهم السديدة ، وشمائلهم الكاملة ، وتوفيقهم التام . فلذلك نفذ ما أراده ، ووضح لكم وبين بيانا كما بين لمن قبلكم ، وهداكم هداية عظيمة في العلم والعمل .

{ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } أي : يلطف لكم في أحوالكم وما شرعه لكم حتى تمكنوا{[206]}  من الوقوف على ما حده الله ، والاكتفاء بما أحله فتقل ذنوبكم بسبب ما يسر الله عليكم فهذا من توبته على عباده .

ومن توبته عليهم أنهم إذا أذنبوا فتح لهم أبواب الرحمة وأوزع قلوبهم الإنابة إليه ، والتذلل بين يديه ثم يتوب عليهم بقبول ما وفقهم له . فله الحمد والشكر على ذلك .

وقوله : { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } أي : كامل الحكمة ، فمن علمه أن علمكم ما لم تكونوا تعلمون ، ومنها هذه الأشياء والحدود . ومن حكمته أنه يتوب على من اقتضت حكمته ورحمته التوبة عليه ، ويخذل من اقتضت حكمته وعدله من لا يصلح للتوبة .


[206]:- في ب: تتمكنوا.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (26)

يخبر تعالى أنه يُريدُ أن يبين لكم - أيها المؤمنون - ما{[7153]} أحل لكم وحرم عليكم ، مما تقدم ذكره في هذه السورة وغيرها ، { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } يعني : طرائقهم الحميدة واتباع{[7154]} شرائعه التي يحبها ويرضاها { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } أي من الإثم{[7155]} والمحارم ، { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } أي في شرعه وقدره وأفعاله وأقواله .


[7153]:في جـ، ر، أ: "فيما".
[7154]:في ر: "في اتباع".
[7155]:في ر، أ: "المأثم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمۡ وَيَهۡدِيَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَيَتُوبَ عَلَيۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } . .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ } حلاله وحرامه ، { وَيهْدِيَكُمْ سُنَنَ الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } يقول وليسددكم سنن الذين من قبلكم ، يعني : سبل من قبلكم من أهل الإيمان بالله وأنبيائه ومناهجهم ، فيما حرم عليكم من نكاح الأمهات والبنات والأخوات ، وسائر ما حرم عليكم في الاَيتين اللتين بين فيهما ما حرم من النساء . { ويَتُوبَ عَلَيْكُمْ } يقول : يريد الله أن يرجع بكم إلى طاعته في ذلك مما كنتم عيه من معصيته في فعلكم ذلك قبل الإسلام ، وقبل أن يوحي ما أوحى إلى نبيه من ذلك عليكم ، ليتجاوز لكم بتوبتكم عما سلف منكم من قبيح ذلك قبل إنابتكم وتوبتكم . { وَاللّهُ عَلِيمٌ } يقول : والله ذو علم بما يصلح عباده في أديانهم ودنياهم ، وغير ذلك من أمورهم ، وبما يأتون ويذرون ما أحلّ أو حرّم عليهم حافظ ذلك كله عليهم ، حكيم بتدبيره فيهم في تصريفهم فيما صرفهم فيه .

واختلف أهل العربية في معنى قوله : { يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ } فقال بعضهم : معنى ذلك ، يريد الله هذا من أجل أن يبين لكم ، وقال : ذلك كما قال : { وَأُمِرْتُ لاِءَعْدِلَ بَيْنُكُمْ } بكسر اللام ، لأن معناه : أمرت بهذا من أجل ذلك .

وقال آخرون : معنى ذلك : يريد الله أن يبين لكم ، ويهديكم سنن الذين من قبلكم¹ وقالوا : من شأن العرب التعقيب بين كي ولام كي وأن ، ووضع كل واحدة منهنّ موضع كل واحدة من أختها مع أردت وأمرت ، فيقولون : أمرتك أن تذهب ولتذهب ، وأردت أن تذهب ولتذهب ، كما قال الله جلّ ثناؤه : { وأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبّ الْعَالَمِينَ } ، وقال في موضع آخر : «وأُمِرْتُ أنْ أكُونَ أوّلَ مَن أسْلَمَ » ، وكما قال : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ } ، ثم قال في موضع آخر : { يُرِيدُونَ أنْ يُطْفِئُوا } واعتلوا في توجيههم «أن » مع «أمرت » و«أدت » إلى معنى «كي » وتوجيه «كي » مع ذلك إلى معنى «أن » لطلب «أردت » و«أمرت » الاستقبال ، وأنها لا يصلح معها الماضي ، لا يقال : أمرتك أن قمت ولا أردت أن قمت . قالوا : فلما كانت «أن » قد تكون مع الماضي في غير «أردت » و«أمرت » ، ذكروا لها معنى الاستقبال بما لا يكون معه ماض من الأفعال بحال ، من «كي » واللام التي في معنى «كي »¹ قالوا : وكذلك جمعت العرب بينهنّ أحيانا في الحرف الواحد ، فقال قائلهم في الجمع :

أرَدْتَ لِكَيْما أنْ تَطِيرَ بِقِرْبَتِي ***فَتَتْرُكَهَا شَنّا بِبَيْدَاءَ بَلْقَعِ

فجمع بينهنّ لاتفاق معانيهنّ واختلاف ألفاظهنّ ، كما قال الاَخر :

ذ المَالَ الهِدانُ الجافِي ***بغير لا عَصْفٍ ولا اصْطِرَافِ

فجمع بين «غير » و«لا » ، توكيدا للنفي¹ قالوا : وإنما يجوز أن يجعل «أن » مكان كي ، وكي مكان أن في الأماكن التي لا يصحب جالب ذلك ماض من الأفعال أو غير المستقبل¹ فأما ما صحبه ماض من الأفعال وغير المستقبل فلا يجوز ذلك . لا يجوز عندهم أن يقال : ظننت ليقوم ، ولا أظنّ ليقوم ، بمعنى : أظنّ أن يقوم ، لأن التي تدخل مع الظن تكون مع الماضي من الفعل ، يقال : أظنّ أن قد قام زيد ومع المستقبل ومع الأسماء .

قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي قول من قال : إن اللام في قوله : { يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيّنَ لَكُمْ } بمعنى : يريد الله أن يبين لكم¹ لما ذكرت من علة من قال إن ذلك كذلك .