المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

12- وكان زعماء الشرك يقولون للذين دخلوا في الإسلام مخلصين : كونوا كما كنتم على ديننا ، واتبعوا ما نحن عليه ، وإذا كان هناك بعث وحساب تخشونه فنحن نحمل عنكم آثامكم . لن تحمل نفس وزر نفس أخرى ، إن الكافرين لكاذبون في وعدهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

قوله تعالى :{ وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا } قال مجاهد : هذا من قول كفار مكة لمن آمن منهم . وقال الكلبي ومقاتل : قاله أبو سفيان لمن آمن من قريش ، اتبعوا سبيلنا : ديننا وملة آبائنا ، ونحن الكفلاء بكل تبعة من الله تصيبكم ، فذلك قوله : { ولنحمل خطاياكم } أوزاركم ، قال الفراء : لفظه أمر ، ومعناه جزاء مجازه : إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم ، كقوله : { فليلقه اليم بالساحل } وقيل : هو جزم على الأمر ، كأنهم أمروا أنفسهم بذلك ، فأكذبهم الله عز وجل فقال : { وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون } فيما قالوا من حمل خطاياهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

{ 12-13 } { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ }

يخبر تعالى عن افتراء الكفار ودعوتهم للمؤمنين إلى دينهم ، وفي ضمن ذلك ، تحذير المؤمنين من الاغترار بهم والوقوع في مكرهم ، فقال : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا } فاتركوا دينكم أو بعضه واتبعونا في ديننا ، فإننا نضمن لكم الأمر { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } وهذا الأمر ليس بأيديهم ، فلهذا قال : { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ } لا قليل ولا كثير . فهذا التحمل ، ولو رضي به صاحبه ، فإنه لا يفيد شيئا ، فإن الحق للّه ، واللّه تعالى لم يمكن العبد من التصرف في حقه إلا بأمره وحكمه ، وحكمه { أن لَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

وأخيرا يعرض فتنة الإغواء والإغراء ؛ ويعرض معها فساد تصور الذين كفروا للتبعة والجزاء ؛ ويقرر فردية التبعة وشخصية الجزاء وهو المبدأ الإسلامي الكبير ، الذي يحقق العدل في أجلى مظاهره ، وأفضل أوضاعه :

وقال الذين كفروا للذين آمنوا : اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم . و ما هم بحاملين من خطاياهم من شيء . إنهم لكاذبون . وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ، وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون . .

وقد كان الذين كفروا يقولون هذا تمشيا مع تصورهم القبلي في احتمال العشيرة للديات المشتركة والتبعات المشتركة . يحسبون أنهم قادرون على احتمال جريرة الشرك بالله عن سواهم وإعفائهم منها . ذلك إلى التهكم على قصة الجزاء في الآخرة إطلاقا :

( اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) . .

ومن ثم يرد عليهم الرد الحاسم ، فيرد كل إنسان إلى ربه فردا ، يؤاخذه بعمله ، لا يحمل أحد عنه شيئا :

( وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء ) . .

ويجبهم بما في قولتهم هذه من كذب وادعاء :

( إنهم لكاذبون ) . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

روي أن قائل هذه المقالة الوليد بن المغيرة ، وقيل بل كانت شائعة من كفار قريش قالوا لأتباع النبي صلى الله عليه وسلم ادخلوا في أمرنا وأقروا بآلهتنا واعبدوها معنا ونحن ليقيننا أنه لا بعث بعد الموت ولا رجوع نتضمن لكم حمل خطاياكم فيما دعوناكم إليه إن كان في ذلك درك كما تزعمون ، وقولهم { ولنحمل } إخبار أنهم يحملون خطاياهم على جهة التشبيه بالثقل ولكنهم أخرجوه في صيغة الأمر لأنها أوجب وأشد تأكيداً في نفس السامع من المجازاة وهذا نحو قال الشاعر [ مدثار بن شيبان النمري ] : [ الوافر ]

فقلت ادعي وأدع فإن أندى . . . لصوت أن ينادي داعيان{[9218]}

ولكونه خبراً حسن تكذيبهم فيه ، فأخبر الله عز وجل أن ذلك باطل وأنهم لو فعلوه لم ينحمل عن أحد من هؤلاء المغترين بهم شيء من خطاياه التي تختص به ، وقرأ الجمهور «ولنحملْ » بجزم اللام ، وقرأ عيسى ونوح القاري «ولنحمل » بكسر اللام وقرأ داود بن أبي هند «من خطَيِهم » بفتح الطاء وكسر الياء{[9219]} وحكى عنه أبو عمرو أنه قرأ «من خِطيئاتهم » بكسر الطاء وهمزة وتاء بعد الألف ، وقال مجاهد : الحمل هو من الحمالة لا من الحمل على الظهر{[9220]} .


[9218]:البيت في (اللسان- ندى)- وهو لدثار بن شيبان النمري، قال صاحب اللسان: "الندى: بعد الصوت، وندى الصوت: بعد مذهبه، وفلان أندى صوتا من فلان، أي: أبعد مذهبا وأرفع صوتا، وأنشد الأصمعي لدثار بن شيبان النمري: تقول خليلتي لما اشتكينا سيدركنا بني القوم الهجان فقلت ادعي وأدع فإن أندى لصوت أن ينادي داعيان" وفي شرح الشواهد للعيني قال: تعليقا على البيت: "قاله الأعشى أو الحطيئة فيما زعم ابن يعيش، أو ربيعة بن جشم فيما زعم الزمخشري، أو دثار بن شيبان النمري فيما زعم ابن بري، وهو من الوافر، والشاهد في (وأدعو) حيث نصب الواو فيه بتقدير: وأن أدعو، ويروى: (وادع) على الأمر بحذف اللام، إذ أصله: ولأدع". 1 هـ. وفي (معاني القرآن) للفراء: " [ولنحمل] هو أمر فيه تأويل جزاء، وهو كثير في كلام العرب، قال الشاعر... فقلت ادعي وأدع.... البيت – أراد: ولأدع، كأنه قال: إن دعوت دعوت" 1هـ.
[9219]:معنى كسر الياء في هذه القراءة هو تسهيل الهمزة، أي أن الأصل همزة سهلت فصارت شبيهة بالياء، وروي عن داود بن هند هذا فيما ذكر أبو الفضل الرازي أنه قرأ: {من خطيئتهم} بالإفراد.
[9220]:يريد بالحمالة: تحمل المسؤولية والاضطلاع بها خيرا كانت أو شرا.