التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما زعمه أئمة الكفر من دعاوى باطلة ، ورد عليها فقال : { وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ اتبعوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } .

أى : وقال الذين كفروا للذين آمنوا على سبيل التضليل والإِغراء : اتبعوا سبيلنا أى طريقنا الذى وجدنا عليه آباءنا ، وهو عبادة الأصنام ، ولنحمل عنكم خطاياكم يوم القيامة ، إن كان هناك بعث وحساب .

واللام فى قوله : { وَلْنَحْمِلْ } لام الأمر ، كأنهم آمرين أنفسهم بذلك ، لِيُغْيروا المؤمنين باتباعهم .

أى : اطمئنوا إلى أننا لن نتخلى عنكم ، ولن ننقض عهودنا معكم فى حمل خطاياكم لو اتبعتمونا ، أو هو أمر فى تأويل الشرط والجزاء . أى : إن تتبعوا سبيلنا نحمل خطاياكم .

وقد رد الله - تعالى - زعمهم هذا بقوله : { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } أى : وما هؤلاء الكافرين بحاملين لشئ من خطايا غيرهم التى زعموا حملها يوم القيامة ، وأنهم لكاذبون فى كل أقوالهم .

و { مَن } الأولى بيانية ، والثانية لنفى حمل أى خطايا مهما صغرت . وقد جاء التكذيب لهم بهذا الأسلوب المؤكد ، حتى يخرس ألسنتهم ، ويمحو كل أثر من أقوالهم من الأذهان .