فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

{ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ اتبعوا سَبِيلَنَا } اللام في { للذين آمنوا } هي لام التبليغ ، أي قالوا مخاطبين لهم كما سبق بيانه في غير موضع ، أي قالوا لهم اسلكوا طريقتنا ، وادخلوا في ديننا { وَلْنَحْمِلْ خطاياكم } أي إن كان اتباع سبيلنا خطيئة تؤاخذون بها عند البعث ، والنشور كما تقولون ، فلنحمل ذلك عنكم ؛ فنؤاخذ به دونكم . واللام في { لنحمل } لام الأمر كأنهم أمروا أنفسهم بذلك . وقال الفراء والزجاج : هو أمر في تأويل الشرط والجزاء ، أي إن تتبعوا سبيلنا نحمل خطاياكم ، ثم ردّ الله عليهم بقوله : { وَمَا هُمْ بحاملين مِنْ خطاياهم مّن شَيْء } من الأولى بيانية . والثانية مزيدة للاستغراق ، أي وما هم بحاملين شيئاً من خطيئاتهم التي التزموا بها ، وضمنوا لهم حملها ، ثم وصفهم الله سبحانه بالكذب في هذا التحمل فقال : { إِنَّهُمْ لكاذبون } فيما ضمنوا به من حمل خطاياهم . قال المهدوي : هذا التكذيب لهم من الله عزّ وجلّ حمل على المعنى ؛ لأن المعنى : إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم ، فلما كان الأمر يرجع في المعنى إلى الخبر أوقع عليه التكذيب كما يوقع على الخبر .

/خ13