المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

8- ومن يعمل زنة ذرة من التراب شراً يره كذلك ، ويلق جزاءه ، ولا يظلم ربك أحداً .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

{ فمن يعمل مثقال ذرة } وزن نملة صغيرة أصغر ما يكون من النمل . { خيراً يره . }

{ ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } قال ابن عباس : ليس مؤمن ولا كافر عمل خيراً أو شراً في الدنيا إلا أراه الله له يوم القيامة ، فأما المؤمن فيرى حسناته ويثيبه بحسناته ، وأما الكافر فيرى حسناته ويعذب بسيئاته . قال محمد بن كعب في الآية { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } من كافر يرى ثوابه في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير ، { ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر . قال مقاتل : نزلت هذه الآية في رجلين ، وذلك أنه لما نزل { ويطعمون الطعام على حبه }( الدهر-8 ) كان أحدهما يأتيه السائل فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ونحوها ، يقول : ما هذا بشيء ، إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير كالكذبة والغيبة والنظرة وأشباه ذلك ، ويقول : إنما وعد الله النار على الكبائر ، وليس هذا بإثم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية يرغبهم في القليل من الخير أن يعطوه ، فإنه يوشك أن يكثر ، ويحذرهم اليسير من الذنب ، فإنه يوشك أن يكثر ، فالإثم الصغير في عين صاحبه أعظم عند الله من الجبال يوم القيامة ، وجميع محاسنه أقل من كل شيء . قال ابن مسعود : أحكم آية في القرآن { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميها الجامعة الفاذة حين سئل عن زكاة الحمير فقال : " ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } " . وتصدق عمر ابن الخطاب وعائشة بحبة عنب ، وقالا : فيها مثاقيل كثيرة .

ختام السورة:

وقال الربيع بن خثيم : مر رجل بالحسن وهو يقرأ هذه السورة فلما بلغ آخرها قال : حسبي قد انتهت الموعظة .

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنبأنا محمد ابن القاسم ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله ، حدثنا الحسين بن سفيان ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا اليمان بن المغيرة ، وحدثنا عطاء عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا زلزلت الأرض } تعدل نصف القرآن ، { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن ، { قل يا أيها الكافرون } تعدل ربع القرآن " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ } وهذا شامل عام للخير .

{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }والشر كله ؛ لأنه إذا رأى مثقال الذرة التي هي أحقر الأشياء ، [ وجوزي عليها ] فما فوق ذلك من باب أولى وأحرى ، كما قال تعالى : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا } { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا }

وهذه الآية فيها غاية الترغيب في فعل الخير ولو قليلًا ، والترهيب من فعل الشر ولو حقيرًا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

ووراء رؤيتها الحساب الدقيق الذي لا يدع ذرة من خير أو من شر لا يزنها ولا يجازي عليها .

( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) . .

ذرة . . كان المفسرون القدامى يقولون : إنها البعوضة . وكانوا يقولون : إنها الهباءة التي ترى في ضوء الشمس . . . فقد كان ذلك أصغر ما يتصورون من لفظ الذرة . . .

فنحن الآن نعلم أن الذرة شيء محدد يحمل هذا الإسم ، وأنه أصغر بكثير من تلك الهباءة التي ترى في ضوء الشمس ، فالهباءة ترى بالعين المجردة . أما الذرة فلا ترى أبدا حتى بأعظم المجاهر في المعامل . إنما هي " رؤيا " في ضمير العلماء ! لم يسبق لواحد منهم أن رآها بعينه ولا بمجهره . وكل ما رآه هو آثارها !

فهذه أو ما يشبهها من ثقل ، من خير أو شر ، تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها ! . . .

عندئذ لا يحقر " الإنسان " شيئا من عمله . خيرا كان أو شرا . ولا يقول : هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن . إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله إرتعاشة ذلك الميزان الدقيق الذي ترجح به الذرة أو تشيل !

إن هذا الميزان لم يوجد له نظير أو شبيه بعد في الأرض . . إلا في القلب المؤمن . .

القلب الذي يرتعش لمثقال ذرة من خير أو شر . . . وفي الأرض قلوب لا تتحرك للجبل من الذنوب والمعاصي والجرائر . . ولا تتأثر وهي تسحق رواسي من الخير دونها رواسي الجبال . .

إنها قلوب عتلة في الأرض ، مسحوقة تحت أثقالها تلك في يوم الحساب ! !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن عبد الله ، حدثني مالك عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح السَّمان ، عن أبي هُرَيرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الخيل لثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ؛ فأما الذي له أجر ، فرجل ربطها في سبيل الله فأطال طِيَلها في مرج أو روضة ، فما أصابت في طِيَلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات ، ولو أنها قطعت طِيَلها فاستنَّت شَرَفا أو شرفين ، كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يَسقَى به كان ذلك حسنات له ، وهي لذلك الرجل أجر . ورجل ربطها تَغَنيا وتعففا ، ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ، فهي له ستر . ورجل ربطها فخرًا ورئاء ونواء ، فهي على ذلك وزر " . فسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحُمُر ، فقال : " ما أنزل الله فيها شيئًا إلا هذه الآية الفاذة الجامعة : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } {[30390]} . ورواه مسلم ، من حديث زيد بن أسلم ، به{[30391]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا جرير بن حازم ، حدثنا الحسن ، عن صعصعة بن معاوية - عم الفرزدق - : أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } قال : حسبي ! لا أبالي ألا أسمع غيرها{[30392]} . وهكذا رواه النسائي في التفسير ، عن إبراهيم بن يونس بن محمد المؤدب ، عن أبيه ، عن جرير بن حازم ، عن الحسن البصري قال : حدثنا صعصعةُ عم الفرزدق ، فذكره{[30393]} .

وفي صحيح البخاري ، عن عَدي مرفوعا : " اتقوا النار ولو بِشِقِّ تمرة ، ولو بكلمة طيبة " {[30394]} وفي الصحيح : " لا تَحْقِرَنَّ من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط " {[30395]} ، وفي الصحيح أيضا : " يا نساء {[30396]} المؤمنات ، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فِرْسَنَ شاة " {[30397]} يعني : ظلفها . وفي الحديث الآخر : " ردوا السائل ولو بظلْف مُحَرق " {[30398]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، حدثنا كثير بن زيد ، عن المطلب بن عبد الله ، عن عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا عائشة ، استتري من النار ولو بشق تمرة ، فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان " . تفرد به أحمد{[30399]} .

ورُويَ عن عائشة أنها تصدقت بعنبة ، وقالت : كم فيها من مثقال ذرة{[30400]} .

وقال أحمد : حدثنا أبو عامر ، حدثنا سعيد بن مسلم ، سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير : حدثني عوف بن الحارث بن الطفيل : أن عائشة أخبرته : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يا عائشة ، إياك ومحقرات الذنوب ، فإن لها من الله طالبا " . ورواه النسائي وابن ماجة ، من حديث سعيد بن مسلم بن بَانَك ، به{[30401]} .

وقال ابن جرير : حدثني أبو الخطاب الحساني ، حدثنا الهيثم بن الربيع ، حدثنا سماك بن عطية ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال : كان أبو بكر يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }{[30402]} فرفع أبو بكر يده وقال : يا رسول الله ، إني أُجزى بما عملتُ من مثقال ذرة من شر ؟ فقال : " يا أبا بكر ، ما رأيت في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر الشر ويدخر الله لك مثاقيل ذَر الخير حتى تُوفَاه يوم القيامة " {[30403]} .

ورواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه [ عن ]{[30404]} أبي الخطاب ، به . ثم قال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب قال : في كتاب أبي قِلابة ، عن أبي إدريس : أن أبا بكر كان يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره{[30405]} .

ورواه أيضًا عن يعقوب ، عن ابن عُلَيَّة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة : أن أبا بكر ، وذكره .

طريق أخرى : قال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني حُيَي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : لما نزلت : { إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا } وأبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، قاعد ، فبكى حين أنزلت ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما يبكيك يا أبا بكر ؟ " . قال : يبكيني هذه السورة . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أنكم تخطئون وتذنبون ، فيغفر الله لكم ، لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم " {[30406]} .

حديث آخر : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة وعلي بن عبد الرحمن بن [ محمد بن ]{[30407]} المغيرة - المعروف بعلان المصري - قالا : حدثنا عمرو بن خالد الحرَّاني ، حدثنا ابن لَهِيعة ، أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري قال : لما أنزلت : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } قلت : يا رسول الله ، إني لراء عملي ؟ قال : " نعم " . قلت : تلك الكبار الكبار ؟ قال : " نعم " . قلت : الصغار الصغار ؟ قال : " نعم " . قلت : واثُكلَ أُمي . قال : " أبشر يا أبا سعيد ؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها - يعني إلى سبعمائة ضعف - ويضاعف الله لمن يشاء ، والسيئة بمثلها أو يغفر الله ، ولن ينجو أحد منكم بعمله " . قلت : ولا أنت يا رسول الله{[30408]} ؟ قال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة " {[30409]} قال أبو زُرْعَة : لم يرو هذا غير ابن لَهِيعة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بُكَيْر ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني{[30410]} عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } وذلك لما نزلت هذه الآية : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } [ الإنسان : 8 ] ، كان المسلمون يرون أنهم لا يُؤجَرون على الشيء القليل الذي أعطوه ، فيجيء المسكين إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة والجَوْزة ونحو ذلك ، فيردونه ويقولون : ما هذا بشيء ، إنما نُؤجَر على ما نعطي ونحن نحبه . وكان آخرون يَرَون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير : الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك ، يقولون : إنما وعد الله النار على الكبائر . فرغبهم في القليل من الخير أن يعملوه ، فإنه يوشك أن يكثر ، وحذرهم اليسير من الشر ، فإنه يوشك أن يكثر ، فنزلت : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } يعني : وزن أصغر النمل { خَيْرًا يَرَهُ } يعني : في كتابه ، ويَسُرُّه ذلك . قال : يكتب لكل بر وفاجر بكل سيئة سيئة واحدة . وبكل حسنة عشر حسنات ، فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمنين أيضًا ، بكل واحدة عشر ، ويمحو عنه بكل حسنة عشر سيئات ، فمن زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة ، دخل الجنة .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا عمران ، عن قتادة ، عن عبد ربه ، عن أبي عياض ، عن عبد الله بن مسعود ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه " . وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة ، فحضر صَنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود ، والرجل يجيء بالعود ، حتى جمعوا سوادا ، وأجَّجوا نارًا ، وأنضجوا ما قذفوا فيها{[30411]} .

[ آخر تفسير سورة " إذا زلزلت " ]{[30412]} [ ولله الحمد والمنة ]{[30413]}


[30390]:- (1) في م، أ: "من" وهو خطأ.
[30391]:- (2) صحيح البخاري برقم (4962) وصحيح مسلم برقم (987).
[30392]:- (3) المسند (5/59).
[30393]:- (4) سنن النسائي الكبرى برقم (11694).
[30394]:- (5) صحيح البخاري برقم (7512).
[30395]:- (6) صحيح مسلم برقم (2626) من حديث أبي ذر الغفاري، رضي الله عنه.
[30396]:- (7) في م: "يا معشر نساء"، وفي أ: "معشر النساء".
[30397]:- (8) صحيح البخاري برقم (2566) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
[30398]:- (9) رواه أحمد في المسند (5/381) وأبو داود في السنن برقم (1667) والترمذي في السنن برقم (665) من حديث أم بجيد الأنصارية، رضي الله عنها. وقال الترمذي: "حديث أم بجيد حديث حسن صحيح".
[30399]:- (10) المسند (6/79).
[30400]:- (11) هو في الموطأ (2/997) بلاغا عن عائشة.
[30401]:- (1) المسند (6/151) وسنن ابن ماجة برقم (4243).
[30402]:- (2) في أ: "من" وهو خطأ.
[30403]:- (3) تفسير الطبري (30/173) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (3418) "مجمع البحرين" من طريق أبي الخطاب، به، وقال: "لم يروه عن أيوب إلا سماك، ولا عنه إلا الهيثم. تفرد به زيادة". قلت: الهيثم بن الربيع ضعيف.
[30404]:- (4) زيادة من م، أ.
[30405]:- (5) تفسير الطبري (30/174) ورواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (7103) والطبراني في المعجم الكبير برقم (87) "القطعة المعقودة" من طريق ابن وهب، به.
[30406]:- (6) تفسير الطبري (30/175).
[30407]:- (7) زيادة من الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/1/195).
[30408]:- (1) في أ: "يا نبي الله".
[30409]:- (2) ذكره السيوطي في الدر المنثور (8/594) وعزاه لابن أبي حاتم، ولآخره شاهد في الصحيح من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
[30410]:- (3) في م: "عن".
[30411]:- (4) المسند (1/402).

[30412]:- (5) زيادة من م، أ.
[30413]:- (6) زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

{ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } تفصيل ليروا ، ولذلك قرئ ( يره ) بالضم ، وقرأ هشام بإسكان الهاء ، ولعل حسنة الكافر وسيئة المجتنب عن الكبائر تؤثران في نقص الثواب والعقاب . وقيل : الآية مشروطة بعدم الإحباط والمغفرة ، أو من الأولى مخصوصة بالسعداء ، والثانية بالأشقياء ، لقوله : أشتاتا ، والذرة النملة الصغيرة ، أو الهباء .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة إذا زلزلت الأرض أربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

تفريع على قوله : { ليروا أعمالهم } [ الزلزلة : 6 ] تفريع الفذلكة ، انتقالاً للترغيب والترهيب بعد الفراغ من إثبات البعث والجزاء ، والتفريعُ قاض بأن هذا يكون عقب ما يصدر الناس أشتاتاً .

والمثقال : ما يعرف به ثِقَل الشيء ، وهو ما يُقَدَّر به الوزن وهو كميزاننٍ زِنةً ومعْنًى .

والذّرة : النملة الصغيرة في ابتداء حياتها .

و { مثقال ذرة } مثَل في أقل القلة وذلك للمؤمنين ظاهر وبالنسبة إلى الكافرين فالمقصود ما عملوا من شر ، وأما بالنسبة إلى أعمالهم من الخير فهي كالعدم فلا توصف بخير عند الله لأن عمل الخير مشروط بالإِيمان قال تعالى : { والذين كفروا أعمالهم كسراب بِقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً } [ النور : 39 ] .

وإنما أعيد قوله : { ومن يعمل } دون الاكتفاء بحرف العطف لتكون كل جملة مستقلة الدلالة على المراد لتختص كل جملة بغرضها من الترغيب أو الترهيب فأهمية ذلك تقتضي التصريح والإِطناب .

وهذه الآية معدودة من جوامع الكلم وقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالجامعة الفاذة ففي « الموطأ » أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الخيلُ لثلاثة " الحديث . فسُئل عن الحُمُر فقال : لم يُنْزَل عَليَّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } . وعن عبد الله بن مسعود أنه قال : هذه أحكم آية في القرآن ، وقال الحسن : قَدِم صعصعة بن ناجية جد الفرزدق على النبي صلى الله عليه وسلم يستقرىء النبي القرآن فقرأ عليه هذه الآية فقال صَعصعة : حسبي فقد انتهت الموعظة لا أبالي أن لا أسمع من القرآن غيرها . وقال كعب الأحبار : « لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة والإِنجيل والزبور والصحف : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره .

وإذ قد كان الكلام مسوقاً للترغيب والترهيب معاً أوثر جانب الترغيب بالتقديم في التقسيم تنويهاً بأهل الخير .

وفي « الكشاف » : يحكى أن أعرابياً أخَّر خيراً يَرَه فقيل قدّمت وأخَّرت فقال :

خُذا بطن هَرشَى أو قَفَاها فإنه *** كلا جانبيْ هَرشَى لهن طريق اه

وقد غفل هذا الأعرابي عن بلاغة الآية المقتضية التنويه بأهل الخير .

روى الواحدي عن مقاتل : أن هذه الآية نزلت في رجلين كانا بالمدينة أحدهما لا يبالي من الذنوب الصغائر ويركبها ، والآخر يحب أن يتصدق فلا يجد إلا اليسير فيستحيي من أن يتصدق به فنزلت الآية فيهما .

ومن أجل هذه الرواية قال جمع : إن السورة مدنية . ولو صحّ هذا الخبر لما كان مقتضياً أن السورة مدنية لأنهم كانوا إذا تلوا آية من القرآن شاهداً يظنها بعض السامعين نزلت في تلك القصة كما بيناه في المقدمة الخامسة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

{ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }فيُقَاسي عناءَه . ...

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :

{ ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } جزاء المؤمن في الدنيا بالأحزان والمصائب ، والكافر في الآخرة . ...

التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي 741 هـ :

هذا على عمومه في حق الكافر ....

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ ومن يعمل } أي كائناً من كان { مثقال ذرة شراً } أي من جهة الشر { يره } فما فوقه ، فالمؤمن يراه ويعلم أنه قد غفر له ليشتد فرحه ، والكافر يراه فيشتد حزنه وترحه ، والذرة النملة الصغيرة ، أو الهباءة التي ترى طائرة في الشعاع الداخل من الكوة ، وقد رجع آخرها على أولها بتحديث الأخبار وإظهار الأسرار ....

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ووراء رؤيتها الحساب الدقيق الذي لا يدع ذرة من خير أو من شر لا يزنها ولا يجازي عليها .

( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) . .

ذرة . . كان المفسرون القدامى يقولون : إنها البعوضة . وكانوا يقولون : إنها الهباءة التي ترى في ضوء الشمس . . . فقد كان ذلك أصغر ما يتصورون من لفظ الذرة . . .

فنحن الآن نعلم أن الذرة شيء محدد يحمل هذا الاسم ، وأنه أصغر بكثير من تلك الهباءة التي ترى في ضوء الشمس ، فالهباءة ترى بالعين المجردة . أما الذرة فلا ترى أبدا حتى بأعظم المجاهر في المعامل . إنما هي " رؤيا " في ضمير العلماء ! لم يسبق لواحد منهم أن رآها بعينه ولا بمجهره . وكل ما رآه هو آثارها !

فهذه أو ما يشبهها من ثقل ، من خير أو شر ، تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها ! . . .

عندئذ لا يحقر " الإنسان " شيئا من عمله . خيرا كان أو شرا . ولا يقول : هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن . إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله ارتعاشة ذلك الميزان الدقيق الذي ترجح به الذرة أو تشيل !

إن هذا الميزان لم يوجد له نظير أو شبيه بعد في الأرض . . إلا في القلب المؤمن . .

القلب الذي يرتعش لمثقال ذرة من خير أو شر . . . وفي الأرض قلوب لا تتحرك للجبل من الذنوب والمعاصي والجرائر . . ولا تتأثر وهي تسحق رواسي من الخير دونها رواسي الجبال . .

إنها قلوب عتلة في الأرض ، مسحوقة تحت أثقالها تلك في يوم الحساب ! !

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 7]

تفريع على قوله : { ليروا أعمالهم } [ الزلزلة : 6 ] تفريع الفذلكة ، انتقالاً للترغيب والترهيب بعد الفراغ من إثبات البعث والجزاء ، والتفريعُ قاض بأن هذا يكون عقب ما يصدر الناس أشتاتاً .

والمثقال : ما يعرف به ثِقَل الشيء ، وهو ما يُقَدَّر به الوزن وهو كميزاننٍ زِنةً ومعْنًى .

والذّرة : النملة الصغيرة في ابتداء حياتها .

و { مثقال ذرة } مثَل في أقل القلة وذلك للمؤمنين ظاهر وبالنسبة إلى الكافرين فالمقصود ما عملوا من شر ، وأما بالنسبة إلى أعمالهم من الخير فهي كالعدم فلا توصف بخير عند الله لأن عمل الخير مشروط بالإِيمان قال تعالى : { والذين كفروا أعمالهم كسراب بِقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً } [ النور : 39 ] .

وإنما أعيد قوله : { ومن يعمل } دون الاكتفاء بحرف العطف لتكون كل جملة مستقلة الدلالة على المراد لتختص كل جملة بغرضها من الترغيب أو الترهيب فأهمية ذلك تقتضي التصريح والإِطناب .

وهذه الآية معدودة من جوامع الكلم وقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالجامعة الفاذة ففي « الموطأ » أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الخيلُ لثلاثة " الحديث . فسُئل عن الحُمُر فقال : لم يُنْزَل عَليَّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } . وعن عبد الله بن مسعود أنه قال : هذه أحكم آية في القرآن ، وقال الحسن : قَدِم صعصعة بن ناجية جد الفرزدق على النبي صلى الله عليه وسلم يستقرئ النبي القرآن فقرأ عليه هذه الآية فقال صَعصعة : حسبي فقد انتهت الموعظة لا أبالي أن لا أسمع من القرآن غيرها . وقال كعب الأحبار : « لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة والإِنجيل والزبور والصحف : { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره .

وإذ قد كان الكلام مسوقاً للترغيب والترهيب معاً أوثر جانب الترغيب بالتقديم في التقسيم تنويهاً بأهل الخير ...

روى الواحدي عن مقاتل : أن هذه الآية نزلت في رجلين كانا بالمدينة أحدهما لا يبالي من الذنوب الصغائر ويركبها ، والآخر يحب أن يتصدق فلا يجد إلا اليسير فيستحيي من أن يتصدق به فنزلت الآية فيهما .

ومن أجل هذه الرواية قال جمع : إن السورة مدنية . ولو صحّ هذا الخبر لما كان مقتضياً أن السورة مدنية لأنهم كانوا إذا تلوا آية من القرآن شاهداً يظنها بعض السامعين نزلت في تلك القصة كما بيناه في المقدمة الخامسة .