ثم قال تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خير يرهٌ }( {[77058]} ) .
[ خيراً ]( {[77059]} ) منصوب( {[77060]} ) على البيان أو على البيان أو على البدل من " مثقال ذرة " ( {[77061]} ) .
أي : فمن يعمل في الدنيا وزن ذرة من خير يرى ثوابه في الآخرة .
ومن يعمل( {[77062]} ) في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه في الآخرة( {[77063]} ) .
قال ابن عباس : ليس مؤمن ولا كافر يعمل خيرا ولا شرا في الدنيا إلا أراه الله إياه . فأما المؤمن فيريه( {[77064]} ) حسناته وسيئاته ، فيغفر الله له سيئاته ويثيبه على حسناته . وأما الكافر فيرد حسناته ويعذبه على سيئاته( {[77065]} ) .
وقال محمد بن كعب القرضي : من يعمل مثقال ذرة من خير يره ، هذا في الدنيا . يعني أن كل كافر يرى ثواب( {[77066]} ) عمله الحسن في الدنيا في نفسه وماله وأهله( {[77067]} ) وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له ( عند الله خير ، { ومن يعمل مثقال ذرة شر يرهٌ } ، هذا في الدنيا ، يعني أن كل مؤمن يرى عقوبة سيئاته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس عليه )( {[77068]} ) شيء .
وقال أيوب( {[77069]} ) : قرأت في كتاب أبي قلابة( {[77070]} ) قال : نزلت { ومن( {[77071]} ) يعمل مثقال ذرة شرا يرهٌ } وأبو بكر Z يأكل( {[77072]} ) ، فأمسك وقال : يا رسول الله ، إني [ لراء ]( {[77073]} ) ما عملت من خير وشر ؟ فقال : أرأيت ما رأيت مما تكره ؟ فهو من مثاقيل ذرة ( الشر ، ويدخر مثاقيل ذرة ) {[77074]}( ) الخير حتى تعطوه يوم القيامة . وتصديق ( ذلك )( {[77075]} ) في كتاب الله : " وما أصابكم من مصيبة [ بها ]( {[77076]} ) كسبت أيديكم ويعفوا عنه كثير " ( {[77077]} ) .
وقال الشعبي : قالت عائشة Z : يا رسول الله ، إن عبد الله بن جدعان( {[77078]} ) كان في الجاهلية يصل( {[77079]} ) الرحم ، ويطعم المسكين( {[77080]} ) ، ويفعل( {[77081]} ) . . . فهل ذلك نافعة ؟ قال( {[77082]} ) : لا ينفعه ، إنه( {[77083]} ) لم يقل قط رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين( {[77084]} ) .
وروى قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل لا يظلم( {[77085]} ) المؤمن / حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجازي( {[77086]} ) بها في الآخرة ، وأما الكافر( {[77087]} ) فيطعم بها في الدنيا ، [ فإذا كان ]( {[77088]} ) يوم القيامة لم تكن له حسنة( {[77089]} ) .
وروى( {[77090]} ) [ سلمان ]( {[77091]} ) الفارسي أن رسول الله( {[77092]} ) ( قال )( {[77093]} ) : " دخل رجل النار( {[77094]} ) في ذباب( {[77095]} ) ، ودخل آخر الجنة في ذباب . قال : مر( {[77096]} ) رجل بقوم ولهم آلهة : فقالوا : أقرب لألهتنا شيئا . قرب( {[77097]} ) ولو ذبابا ، فقرب [ ذباب ]( {[77098]} ) ، فدخل النار . ومر رجل آخر فقالوا : [ ألا تقرب ]( {[77099]} ) لآلهتنا شيئا ؟ ولو ذبابا ؟ ! فقال : لا ، فقتلوه فدخل الجنة( {[77100]} ) .
وروى نصير عن الكسائي : أنه كان يقرأ ( خيرا يره وشرا يره ) بضم( {[77101]} ) .
وإنما قال تعالى ذكره : { فمن يعمل } وهو خبر عما في الآخرة ، لأن السامع قد فهم( {[77102]} ) المعنى ، ومعناه : فمن عمل . ودل( {[77103]} ) على إنما هو في الآخرة قوله : { يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم } .
وقيل : إنما جاء " يعمل " بلفظ المستقبل للحث لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله [ والزجر ]( {[77104]} ) عن معصيته( {[77105]} ) .
وروي أن [ سلمان ]( {[77106]} ) قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( {[77107]} ) : كيف ينفلت( {[77108]} ) ابن آدم ممن وزن الجبال ، وكال( {[77109]} ) المياه ، وعد التراب( {[77110]} ) ؟ !
وقال طاوس : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } من أهل الأديان غير الإسلام ، ما عمل منهم( {[77111]} ) أحد مثقال ذرة من خير( {[77112]} ) إلا كوفئ بها في الدنيا في بدنه وماله وأهله( {[77113]} ) حتى يموت وما بقي له مثقال( {[77114]} ) ذرة من خير ، { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يراه } قال : من المؤمنين [ قوم ]( {[77115]} ) يكافأون في الدنيا بالمصيبة في أبدانهم وأموالهم وأهليهم حتى يموت أحدهم ما بقي( {[77116]} ) عليه مثقال ذرة من شر ، فهذا يجعل الآيتين في المجازاة في الدنيا( {[77117]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.