بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ} (8)

ثم قال عز وجل : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } يعني : مقدار ذرة ، وهو الذي يرى في شعاع الشمس . يعني : يرى ثوابه في الآخرة { ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } يعني : يرى جزاءه في الآخرة . وروى قتادة ، عن محمد بن كعب القرظي في قوله { فمن يعلم مثقال ذرة خيرا يره } الآية قال : " ما من كافر عمل مثقال ذرة خير ، إلا عجل لو ثواب ذلك في الدنيا ، في نفسه أو أهله ، أو في ماله ، حتى يخرج من الدنيا ، وليس عند الله مثقال ذرة من خير ، وما من مؤمن عمل مثقال ذرة من شر ، إلا عجل له عقوبتها في الدنيا ، في نفسه أو في ماله أو في أهله ، حتى يخرج من دار الدنيا وليس له عند الله مثقال ذرة من شر " .

وروى معمر ، عن زيد بن أسلم : أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : علمني مما علمك الله ، فدفعه إلى رجل يعلمه القرآن ، فعلمه { إذا زلزلت الأرض } حتى بلغ { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } فقال الرجل : حسبي ، فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " دعه فقد فقِه الرجل " . وروى الأجلح ، عن أبي إسحاق ، عن امرأته أنها قالت : دخلت على عائشة رضي الله عنها أنا وامرأة أبي السفر ، فجاء سائل يسألها وعندها سلة من عنب ، فأخذت حبة من عنب فأعطته ، فنظر بعضنا إلى بعض : " إن قدر هذا أثقل من ذرات كثيرة ثم قرأت { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } والله أعلم .