المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيۡنَآ أَلَّا نُؤۡمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأۡتِيَنَا بِقُرۡبَانٖ تَأۡكُلُهُ ٱلنَّارُۗ قُلۡ قَدۡ جَآءَكُمۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِي بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَبِٱلَّذِي قُلۡتُمۡ فَلِمَ قَتَلۡتُمُوهُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (183)

183- إنهم هم الذين قالوا : إن الله أمرنا في التوراة ألا نؤمن مذعنين لرسول إلا إذا دلل على صدقه بأن يأتينا بشيء يقربه لوجه الله وتنزل نار من السماء فتأكله ، فقل لهم - أيها النبي - : إن رسلا من الله قد جاءوا من قبل بالأدلة الواضحة ، وجاءوا بما اقترحتم ، ومع ذلك كذبتموهم وقتلتموهم . فلم فعلتم ذلك إن كنتم صادقين في وعدكم بالإيمان عندما يتحقق ما تريدون ؟

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيۡنَآ أَلَّا نُؤۡمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأۡتِيَنَا بِقُرۡبَانٖ تَأۡكُلُهُ ٱلنَّارُۗ قُلۡ قَدۡ جَآءَكُمۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِي بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَبِٱلَّذِي قُلۡتُمۡ فَلِمَ قَتَلۡتُمُوهُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (183)

قوله تعالى : { الذين قالوا إن الله عهد إلينا } . الآية ، قال الكلبي : نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن التابوت وفنحاص بن عازوراء وحيي بن اخطب أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد تزعم أن الله تعالى بعثك إلينا رسولاً وأنزل عليك الكتاب ، وأن الله تعالى قد عهد إلينا في التوراة .

قوله تعالى : { أن لا نؤمن لرسول } . يزعم أنه من عند الله .

قوله تعالى : { حتى يأتينا بقربان تأكله النار } . فإن جئتنا به صدقناك ، فأنزل الله تعالى ( الذين قالوا ) أي سمع الله قول الذين قالوا ومحل " الذين " خفض ردا على الذين الأول ( إن الله عهد إلينا ) أي أمرنا وأوصانا في كتبه . ( أن لا نؤمن برسول ) أي لا نصدق رسولاً يزعم أنه جاء من عند الله ( حتى يأتينا بقربان تأكله النار ) . فيكون دليلاً على صدقه ، والقربان كل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من نسيكة وصدقة وعمل صالح ، وهو فعلان من القربة ، وكانت القرابين والغنائم لا تحل لبني إسرائيل ، وكانوا إذا قربوا قرباناً أو غنموا غنيمة جاءت نار بيضاء من السماء لا دخان لها ، ولها دوي وحفيف ، فتأكله وتحرق ذلك القربان وتلك الغنيمة فيكون ذلك علامة القبول ، وإذا لم يقبل بقيت على حالها . وقال السدي : إن الله تعالى أمر بني إسرائيل ، من جاءكم يزعم أنه رسول الله فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكله النار حتى يأتيكم المسيح ومحمد ، فإذا أتياكم فآمنوا بهما ، فإنهما يأتيان بغير قربان ، قال الله تعالى إقامة للحجة عليهم .

قوله تعالى : { قل } . يا محمد .

قوله تعالى : { قد جاءكم } . يا معشر اليهود .

قوله تعالى : { رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم } . من القربان .

قوله تعالى : { فلم قتلتموهم } . يعني زكريا ويحيى وسائر من قتلوا من الأنبياء ، وأراد بذلك زبور أسلافهم فخاطبهم بذلك لأنهم رضوا بفعل أسلافهم .

قوله تعالى : { إن كنتم صادقين } . معناه تكذيبهم إياك مع علمهم بصدقك ، كقتل آبائهم الأنبياء ، مع الإتيان بالقربان والمعجزات ، ثم قال معزياً لنبيه صلى الله عليه وسلم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيۡنَآ أَلَّا نُؤۡمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأۡتِيَنَا بِقُرۡبَانٖ تَأۡكُلُهُ ٱلنَّارُۗ قُلۡ قَدۡ جَآءَكُمۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِي بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَبِٱلَّذِي قُلۡتُمۡ فَلِمَ قَتَلۡتُمُوهُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (183)

{ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ }

يخبر تعالى عن حال هؤلاء المفترين القائلين : { إن الله عهد إلينا } أي : تقدم إلينا وأوصى ، { ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار } فجمعوا بين الكذب على الله ، وحصر آية الرسل بما قالوه ، من هذا الإفك المبين ، وأنهم إن لم يؤمنوا برسول لم يأتهم بقربان تأكله النار ، فهم -في ذلك- مطيعون لربهم ، ملتزمون عهده ، وقد علم أن كل رسول يرسله الله ، يؤيده من الآيات والبراهين ، ما على مثله آمن البشر ، ولم يقصرها على ما قالوه ، ومع هذا فقد قالوا إفكا لم يلتزموه ، وباطلا لم يعملوا به ، ولهذا أمر الله رسوله أن يقول لهم : { قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات } الدالات على صدقهم { وبالذي قلتم } بأن أتاكم بقربان تأكله النار { فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين } أي : في دعواهم{[178]}  الإيمان برسول يأتي{[179]}  بقربان تأكله النار ، فقد تبين بهذا كذبهم ، وعنادهم وتناقضهم .


[178]:- في ب: دعواكم.
[179]:- في ب: يأتيكم.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيۡنَآ أَلَّا نُؤۡمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأۡتِيَنَا بِقُرۡبَانٖ تَأۡكُلُهُ ٱلنَّارُۗ قُلۡ قَدۡ جَآءَكُمۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِي بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَبِٱلَّذِي قُلۡتُمۡ فَلِمَ قَتَلۡتُمُوهُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (183)

180

هنا يجبههم القرآن بواقعهم التاريخي . . لقد قتلوا هؤلاء الأنبياء الذين جاءوهم بالخوارق التي طلبوها وجاءوهم بآيات الله بينات :

( الذين قالوا : إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول ، حتى يأتينا بقربان تأكله النار . قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم ، فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين ؟ ) .

وهي مجابهة قوية ، تكشف عن كذبهم والتوائهم وإصرارهم على الكفر ، وتبجحهم بعد ذلك وافترائهم على الله !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيۡنَآ أَلَّا نُؤۡمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأۡتِيَنَا بِقُرۡبَانٖ تَأۡكُلُهُ ٱلنَّارُۗ قُلۡ قَدۡ جَآءَكُمۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِي بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَبِٱلَّذِي قُلۡتُمۡ فَلِمَ قَتَلۡتُمُوهُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (183)

وقوله : { الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ } يقول تعالى تكذيبًا أيضًا لهؤلاء الذين زعموا{[6278]} أن الله عَهِدَ إليهم في كتبهم ألا يؤمنوا برسول حتى يكون من معجزاته أن من تصدق بصدقة من أمته فقبلَتْ منه أن تنزل نار من السماء تأكلها . قاله ابن عباس والحسن وغيرهما . قال الله تعالى : { قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ } أي : بالحجج والبراهين { وَبِالَّذِي قُلْتُمْ } أي : وبنار تأكل القرابين المتقبلة { فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ } أي : فلم قابلتموهم بالتكذيب والمخالفة والمعاندة وقتلتموهم { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أنكم تَتّبعُونَ الحق وتنقادون للرسل .


[6278]:في جـ،أ: "يزعمون".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيۡنَآ أَلَّا نُؤۡمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأۡتِيَنَا بِقُرۡبَانٖ تَأۡكُلُهُ ٱلنَّارُۗ قُلۡ قَدۡ جَآءَكُمۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِي بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَبِٱلَّذِي قُلۡتُمۡ فَلِمَ قَتَلۡتُمُوهُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (183)

{ الذين قالوا } هم كعب بن الأشرف ومالك وحيي وفنحاص ووهب بن يهوذا . { إن الله عهد إلينا } أمرنا في التوراة وأوصانا . { أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار } بأن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بهذه المعجزة الخاصة التي كانت لأنبياء بني إسرائيل وهو أن يقرب بقربان فيقوم النبي فيدعو فتنزل نار سماوية فتأكله ، أي تحيله إلى طبعها بالإحراق . وهذا من مفترياتهم وأباطيلهم لأن أكل النار القربان لم يوجب الإيمان إلا لكونه معجزة فهو وسائر المعجزات شرع في ذلك . { قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين } تكذيب وإلزام بأن رسلا جاؤهم قبله كزكريا ويحيى بمعجزات أخر موجبة للتصديق وبما اقترحوه فقتلوهم ، فلو كان الموجب للتصديق هو الإتيان به وكان توقفهم وامتناعهم عن الإيمان لأجله فما لهم لم يؤمنوا بمن جاء به في معجزات أخر واجترؤا على قتله .