قوله تعالى : { الَّذِينَ قَالُواْ } : يجوزُ في مَحَلِّه الألقابُ الثلاثة : فالجَرُّ من ثلاثةِ ِأوجه ، الأولُ : أنه صفةٌ ل " الذين " المخفوضِ بإضافة " قول " إليه . الثاني : أنه بدلٌ منه . الثالث : أنه صفةٌ ل " العبيد " أي : ليس بظلاَّم للعبيد الذين قالوا كيتَ وكيتَ ، قاله الزجاج . قال ابنُ عطية : " وهذا مُفْسِدٌ للمعنى والرصفِ " .
والرفعُ : على القطع بإضمار مبتدأ أي : هم الذين . وكذلك النصبُ على القطعِ أيضاً بإضمارِ فعلٍ لائقٍ أي " اَذُمُّ الذين " .
قولُه : { أَلاَّ نُؤْمِنَ } في " أَنْ " وجهان ، أحدُهما : أنها على حذفِ حرفِ الجر ، والأصلُ : في أن لا نؤمِنَ ، وحينئذ يَجِيء فيها المذهبان المشهوران : أهي في محلِّ جر أو نصب . والثاني : أنها مفعولٌ بها على تضمينِ : " عهد " معنى أَلْزَمَ ، تقول : " عَهِدْتُ إليه كذا " أي : أَلْزَمْته إياه ، فهي على هذا في محلِّ نصب فقط .
و " أَنْ " تُكتب متصلةً ومنفصلةً اعتباراً بالأصلِ أو بالإِدغام . ونَقَل أبو البقاء أنَّ منهم مَنْ يَحْذِفُها في الخطِّ اكتفاءً بالتشديد . وحكى مكيّ عن المبرد أنها إنْ أُدْغِمَتْ بغنةٍ كُتِبت متصلةً وإلاَّ فمنفصلةً ، ونُقِل عن بعضِهم أنها إنْ كانت مخففةً كُتِبَتْ منفصلةً ، وإنْ كانَتْ ناصبةً كُتِبَتْ متصلةً ، والفرقُ أنَّ المخففةَ معها ضمير مقدرٌ ، فكأنه فاصلٌ بينهما بخلافِ الناصبة ، وقولُ أهل الخطِّ في مثل هذا : " تُكْتب متصلة " عبارةٌ عن حَذْفِها في الخطِّ بالكلية اعتباراً بلفظ الإِدغام لا أنَّهم يكتبونها متصلةً ، ويُثْبتون لها بعضَ صورتِها فيكتبون : أَنْلا ، والدليلُ على ذلك أنهم لَمَّا قالوا في " أم من " و " أم ما " ونحوِه بالاتصال إنما يعنون به كتابةَ حرفٍ واحد فيكتبون : أمّن وأمَّا . وفهم أبو البقاء أنَّ الاتصال في ذلك عبارةٌ عن كتابتهم لها بعضَ صورتها ملصقةً ب " لا " ، والدليلُ على أنه فَهِم ذلك أنه قال : " ومنهم مَنْ يَحْذِفُها في الخط اكتفاءً بالتشديد " فَجَعَلَ الحذف قسيماً للوصلِ والفصلِ ، ولا يقولُ أحدٌ بهذا .
وتَعَدَّى " نُؤْمِنُ " باللامِ لتضمُّنِه معنى الاعترافِ ، وقد تقدَّم في أولِ البقرة .
وقرأ عيسى بن عمر : " بقُرُبان " بضمتين . قال ابن عطية : " إتباعاً لضمةِ القافِ ، وليس بلغةٍ لأنه ليس في الكلام فُعُلان بضم الفاء والعين ، وحكى سيبويه : " السُّلُطان " بضم اللام ، وقال : " إن ذلك على الإِتباع " . قال الشيخ : ولم يَقُلْ سيبويه إنَّ ذلك على الإِتباع بل قال : " ولا نعلمُ في الكلامِ فِعِلان ولا فُعُلان ولكنه قد جاء فُعُلان وهو قليل ، قالوا : " السُّلُطان " وهو اسمٌ " قال الشارحُ لكلام سيبويه " صاحبُ هذه اللغمة لا يُسَكِّن ولا يُتْبعُ " وكذا ذكر التصريفيون أنه بناءٌ مستقلٌ ، قالوا ولم يجىء فُعُلان إلا اسماً وهو قليلٌ نحو : " سُلُطان " .
قلت : أمَّا ابنُ عطية فَمُسَلَّمٌ أنه وَهِمَ في النقل عن سيبويه في " سُلُطان " خاصةً ، ولكنَّ قولَه في " قُرُبان " صحيحٌ لأِنَّ أهلَ التصريفِ لم يَسْتَثْنُوا إلا السُّلُطان .
والقُرْبان في الأصل مصدرٌ ثم سُمِّي به المفعول كالرَّهْنِ فإنه في الأصلِ مصدرٌ ولا حاجةَ إلى حذْفٍ مضاف . وزعم أبو البقاء أنه على حَذْفِ مضافٍ أي : بتقريبِ قُرْبانٍ ، قال : " أي يُشَرِّع لنا ذلك " . و " تأكلُه االنارُ " صفةٌ لقُرْبان ، وإسنادُ الأكلِ إليها مجازٌ عَبَّر عن إفنائها الأشياءَ بالأكل .
و " من قبلي " و " بالبينات " كلاهما متعلِّقٌ ب " جاءكم " ، والباء تحتملُ المعيةَ والتعديةَ أي : مصاحبين للآيات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.