{ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ } الاتكاء : التمكن من الجلوس ، في حال الرفاهية والطمأنينة [ الراحة ] ، والأرائك هي السرر التي عليها اللباس المزين ، { لَا يَرَوْنَ فِيهَا } أي : في الجنة { شَمْسًا } يضرهم حرها { وَلَا زَمْهَرِيرًا } أي : بردا شديدا ، بل جميع أوقاتهم في ظل ظليل ، لا حر ولا برد ، بحيث تلتذ به الأجساد ، ولا تتألم من حر ولا برد .
{ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا } أى : فى الجنة { على الأرائك } أى : على السرر ، أو على ما يتكأ عليه من سرير أو فراش ونحوه .
{ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } أى : لا يرون فيها شمساً شديدة الحرارة بحيث تؤذيهم أو تضرهم ، ولا يرون فيها كذلك { زَمْهَرِيراً } أى : بردا مفرطا ، يقال : زمهر اليوم ، إذا اشتد برده .
والمقصود من الآية الكريمة أنهم لا يرون فى الجنة إلا جوا معتدلا ، لا هو بالحار ولا هو بالبارد .
يخبر تعالى عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم ، وما أسبغ عليهم من الفضل العَميم فقال : { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ } وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " الصافات " ، وذكر الخلاف في الاتكاء : هل هو الاضطجاع ، أو التمرفق ، أو التربع أو التمكن في الجلوس ؟ وأن الأرائك هي السُّرر تحت الحجال .
وقوله : { لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا } أي : ليس عندهم حَرّ مزعج ، ولا برد مؤلم ، بل هي مزاج واحد دائم سَرْمَدْيّ ، { لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا } [ الكهف : 108 ] .
وقوله : مَتّكِئِينَ فِيها عَلى الأرَائِكِ يقول : متكئين في الجنة على السّرر في الحجال ، وهي الأرائك واحدتها أريكة . وقد بيّنا ذلك بشواهده ، وما فيه من أقوال أهل التأويل فيما مضى بما أغنى عن إعادته ، غير أنا نذكر في هذا الموضع من الرواية بعض ما لم نذكره إن شاء الله تعالى قبل .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : مُتّكِئِينَ فِيها عَلى الأرَائِكِ يعني : الحِجال .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة مُتّكِئِينَ فِيها عَلى الأرَائِكَ كنا نُحدّث أنها الحجال فيها الأسرّة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الحصين ، عن مجاهد مُتّكِئِينَ فِيها عَلى الأرَائِكِ قال : السّرُر في الحجال .
ونصب مُتّكِئِينَ فيها على الحال من الهاء والميم . وقوله لا يَرَوْنَ فِيها شَمْسا وَلا زَمْهَرِيرا يقول تعالى ذكره : لا يرَوْن فيها شمسا فيؤذيهم حرّها ، ولا زمهريرا ، وهو البرد الشديد ، فيؤذيهم بردها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا زياد بن عبد الله الحساني ، قال : حدثنا مالك بن سعير ، قال : حدثنا الأعمش ، عن مجاهد ، قال : الزمهرير : البرد المفظع .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله : لا يَرَوْنَ فيها شَمْسا وَلا زَمْهَريرا يعلم أن شدّة الحرّ تؤذي ، وشدّة القرّ تؤذي ، فوقاهم الله أذاهما .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن السّدّيّ ، عن مرّة بن عبد الله قال في الزمهرير : إنه لون من العذاب ، قال الله : لا يَذُوقُون فِيها بَرْدا وَلا شَرَابا .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهريّ ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : «اشْتَكَتِ النّارُ إلى رَبّها ، فَقالَتْ رَبّ أكَلَ بَعْضِي بَعْضا ، فَنَفّسْنِي ، فأذِنَ لَهَا فِي كُلّ عامٍ بنَفَسَينِ فأشَدّ ما تَجِدُونَ مِنَ البَرْدِ مِنَ زَمْهَرِيرِ جَهَنّم وأشَدّ ما تَجِدونَ مِنَ الحَرّ مِنْ حَرّ جَهَنّمَ » .
متكئين فيها على الأرائك حال من هم في جزاهم أو صفة ل جنة لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا يحتملهما وأن يكون حالا من المستكن في متكئين والمعنى أنه يمر عليهم فيها هواء معتدل لا حار محم ولا بارد مؤذ وقيل الزمهرير القمر في لغة طيئ قال راجزهم وليلة ظلامها قد اعتكر قطعتها والزمهرير ما زهر والمعنى أن هواءها مضيء بذاته لا يحتاج إلى شمس وقمر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.