قوله تعالى : { وما أنت بهادي العمي } قرأ الأعمش ، وحمزة : تهدي بالتاء وفتحها على الفعل العمي بنصب الياء هاهنا وفي الروم . وقرأ الآخرون بهادي بالباء على الاسم ، العمي بكسر الياء ، { عن ضلالتهم } أي : ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى وأعمى قلبه عن الإيمان ، { إن تسمع }ما تسمع ، { إلا من يؤمن بآياتنا } إلا من يصدق بالقرآن أنه من الله ، { فهم مسلمون } مخلصون .
{ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ } كما قال تعالى : { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } { إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ } أي : هؤلاء الذين ينقادون لك ، الذين يؤمنون [ ص 610 ] بآيات الله وينقادون لها بأعمالهم واستسلامهم كما قال تعالى : { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } .
وقوله - سبحانه - : { وَمَآ أَنتَ بِهَادِي العمي عَن ضَلالَتِهِمْ . . } أى : وما أنت - أيها الرسول الكريم - بقادر على أن تصرف العمى عن طريق الضلال الذى انغمسوا فيه ، لأن الهداية إلى طريق الحق ، مردها إلى الله - تعالى - وحده .
ثم بين - سبحانه - فى مقابل ذلك ، من هم أهل السماع والبصر فقال : { إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ } .
أى : أنت - أيها الرسول الكريم - ما تستطيع أن تسمع إسماعا مجديا نافعا ، إلا لمن يؤمن بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا ، لأن هؤلاء هم المطيعون لأمرنا ، المسلمون وجوههم لنا .
وبذلك ترى الآيات الكريمة قد ساقت الكثير من وسائل التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من المشركين ، كما ساقت ما يدل على أن هذا القرآن من عند الله - تعالى - : وعلى أنه - سبحانه - هو الحكم العدل بين عباده .
أي : لا تسمعهم شيئًا ينفعهم ، فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة ، وفي آذانهم وَقْر الكفر ؛ ولهذا قال : { إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ } [ أي ]{[22152]} : إنما يستجيب لك مَنْ هو سميع بصير ، السمع والبصر النافعُ في القلب والبصيرة الخاضع لله ، ولما جاء عنه على ألسنة الرسل ، عليهم السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.