الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَآ أَنتَ بِهَٰدِي ٱلۡعُمۡيِ عَن ضَلَٰلَتِهِمۡۖ إِن تُسۡمِعُ إِلَّا مَن يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُم مُّسۡلِمُونَ} (81)

قوله : { بِهَادِي الْعُمْيِ } : العامَّةُ/ على " هادِيْ " مضافاً للعُمْي . وحمزة " يَهْدِي " فعلاً مضارعاً ، و " العمُيَ " نصبٌ على المفعول به ، وكذلك التي في الروم ويحيى بن الحارث وأبو حيوة " بهاد " منوَّناً " العُمْيَ " منصوب به ، وهو الأصلُ .

واتفق القُرَّاء على أَنْ يقفوا على " هاد " في هذه السورةِ بالياءِ ؛ لأنَّها رُسِمَتْ في المصحفِ ثابتةً . واختلفوا في الروم . فوقف الأخوان عليها بالياءِ أيضاً كهذه . أمَّا حمزةُ فلأنه يقرَؤُها " يَهْدي " فعلاً مضارعاً مرفوعاً فياؤه ثابتة . قال الكسائيُّ : " مَنْ قرأ " يَهْدِي " لَزِمَه أَنْ يقفَ بالياء ، وإنما لزمه ذلك ؛ لأن الفعلَ لا يَدْخُلُه تنوينٌ في الوصلِ تُحذف له الياء فيكونُ في الوقفِ كذلك ، كما يَدْخُلُ تنوينٌ على " هادٍ " ونحوهِ فتَذْهبُ الياءُ في الوصل ، فيجري الوقفُ على ذلك كَمَنْ وقف بغير ياءٍ " . انتهى . ويَلْزَمُ على ذلك أَنْ يُوْقَفَ على { يَقْضِي بِالْحَقِّ } [ غافر : 20 ] { وَيَدْعُ الإِنْسَانُ } [ الإسراء : 11 ] بإثباتِ الياءِ والواوِ . ولكنْ يَلْزَمُ حمزةَ مخالفَةُ الرسمِ دونَ القياسِ . وأمَّا الكسائيُّ فإنه يَقْرَأُ " بهادي " اسمَ فاعلٍ كالجماعةِ ، فإثباتُه للياءِ بالحَمْلِ على " هادِي " في هذه السورةِ ، وفيه مخالفَةٌ الرسمِ السلفيِّ .

قوله : { عَن ضَلالَتِهِمْ } فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق ب " يَهْدي " . وعُدِّي ب " عن " لتضمُّنِه معنى يَصْرِفهم . والثاني : أنه متعلقٌ بالعُمْي لأنَّك تقول : عَمِيَ عن كذا ، ذكره أبو البقاء .