اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَآ أَنتَ بِهَٰدِي ٱلۡعُمۡيِ عَن ضَلَٰلَتِهِمۡۖ إِن تُسۡمِعُ إِلَّا مَن يُؤۡمِنُ بِـَٔايَٰتِنَا فَهُم مُّسۡلِمُونَ} (81)

قوله : { وَمَا أَنتَ بِهَادِي العمي }{[39469]} العامة على «بِهَادِي » مضافاً ل «العُمْي » ، وحمزة «تَهْدِي » فعلاً مضارعاً و «العُمْيَ » نصب على المفعول به{[39470]} . وكذلك التي في الروم . {[39471]} ويحيى بن الحارث وأبو حيوة «بِهَادٍ » منوناً «العُمْيَ » منصوب{[39472]} به وهو الأصل . واتفق القراء على أن يقفوا على «هَادٍ » في هذه السورة بالياء ، لأنها رُسمت في المصحف ثابتةً ، واختلفوا في الروم ، فوقف الأخوان عليها بالياء أيضاً كهذه ، أما حمزة ، فلأنه يقرأها «تَهْدِي » فعلاً مضارعاً مرفوعاً فياؤه ثابتة{[39473]} . قال الكسائي : من قرأ «تَهْدِي » لزمه أن يقف بالياء ، وإنّما لزمه ذلك لأن الفعل لا يدخله تنوين في الوصل تحذف له الياء ، فيكون في الوقف كذلك ، كما يدخل التنوين على «هَادٍ » ونحوه{[39474]} ، فتذهب الياء في الوصل ، فيجري الوقف على ذلك لمن وقف بغير ياء{[39475]} انتهى . ويلزم على ذلك أن يوقف على «يقضي الحقّ »{[39476]} و { وَيَدْعُ الإنسان } [ الإسراء : 11 ] بإثبات الياء والواو ، ولكن يلزم حمزة مخالفة الرسم دون القياس ، وأمّا الكسائي فإنه يقرأ «بِهَادِي » اسم فاعل كالجماعة ، فإثباته للياء بالحمل على «هَادِي » في هذه السورة ، وفيه مخالفة الرسم السلفي{[39477]} .

قوله : «عَنْ ضَلاَلَتِهِمْ » فيه وجهان :

أحدهما : أنه متعلق ب «تَهْدِي » وعدي ب ( عن ) لتضمنه معنى تصرفهم .

الثاني : أنه متعلق بالعمي ، لأنك تقول : عمى{[39478]} عن كذا ذكره أبو البقاء{[39479]} .

فصل :

المعنى : ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى وأعمى قلبه عن الإيمان أن يسمع { إلا من يؤمن بآياتنا } إلا من يصدق بالقرآن أنه من الله ، «فَهُم مُسْلِمُونَ » مخلصون لله{[39480]} .

«مَنْ » في قوله{[39481]} : { مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ } يعني سالماً لله خالصاً لله{[39482]} .


[39469]:العمي: سقط من ب.
[39470]:السبعة (486)، الكشف 2/166، النشر 2/339، الإتحاف (339).
[39471]:يشير إلى قوله تعالى: {وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم}[الروم: 53].
[39472]:المختصر (111)، البحر المحيط 7/96.
[39473]:انظر الكشف 2/166، إبراز المعاني (426).
[39474]:ونحوه: سقط من ب.
[39475]:انظر الكشف 2/166.
[39476]:من قوله تعالى: {والله يقضي بالحق}[غافر: 20].
[39477]:انظر إبراز المعاني 631-632.
[39478]:عمي: سقط من ب.
[39479]:قال أبو البقاء: {و"عن" يتعلق بـ"هادي"، وعداه بـ "عن")، لأن معناه تصرف، ويجوز أن تتعلق بالعمى، ويكون المعنى: أن العمى صدر عن ضلالتهم) التبيان 2/1014.
[39480]:انظر البغوي 6/305.
[39481]:في النسختين: في قراءة.
[39482]:في ب: يعني: سأل الله إخلاصاً. انظر الفخر الرازي 24/216-217.