{ وشاهد ومشهود } أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا عبد الله بن موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اليوم الموعود يوم القيامة ، واليوم المشهود يوم عرفة ، والشاهد يوم الجمعة ، ما طلعت شمس ولا غربت على يوم أفضل منه فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله فيها بخيرً إلا استجاب الله له ، أو يستعيذ به من شر إلا أعاذه منه " ، وهذا قول ابن عباس . والأكثرون : أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة . وروى عن ابن عمر : الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود يوم النحر . قال سعيد بن المسيب : الشاهد يوم التروية ، والمشهود : يوم عرفة . وروى يوسف بن مهران عن ابن عباس قال : الشاهد : محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشهود : يوم القيامة ، ثم تلا : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً }( النساء- 41 ) ، وقال : ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود . وقال عبد العزيز بن يحيى : الشاهد : محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشهود : الله عز وجل ، بيانه : قوله { وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }( النساء-41 ) . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : الشاهد : آدم ، والمشهود : يوم القيامة . وقال عكرمة الشاهد : الإنسان والمشهود : يوم القيامة . وعنه أيضاً : الشاهد الملك يشهد على ابن آدم ، والمشهود يوم القيامة . وتلا : { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد }( ق- 21 ) ، { وذلك يوم مشهود } ( هود- 103 ) ، وقيل : الشاهد الحفظة والمشهود بنو آدم . وقال عطاء بن يسار : الشاهد آدم وذريته ، والمشهود يوم القيامة . وروى الوالبي عن ابن عباس : الشاهد هو الله عز وجل والمشهود يوم القيامة . وقال الحسين بن الفضل : الشاهد هذه الأمة والمشهود سائر الأمم . بيانه : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس }( البقرة- 143 ) . وقال سالم بن عبد الله : سألت سعيد بن جبير عن قوله : { وشاهد ومشهود } فقال : الشاهد هو الله والمشهود : نحن ، بيانه : { وكفى بالله شهيداً }( النساء- 79 ) ، وقيل : الشاهد أعضاء بني آدم بيانه : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم } الآية ( النور- 24 ) ، وقيل : الشاهد الأنبياء والمشهود محمد بيانه : قوله : { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين }( آل عمران-81 ) إلى قوله { فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين } ( آل عمران- 81 ) .
وقوله : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قسم ثالث ببعض مخلوقاته - تعالى - . والشاهد اسم فاعل من المشاهدة بمعنى الرؤية ، فالشاهد هو الرائى ، أو المشهود عليه بأنه حق
فالمراد بالشاهد : من يحضر ذلك اليوم من الخلائق المبعوثين ، وما يراه فيه من عجائب وأهوال ، من المشاهدة بمعنى الرؤية والحضور ، أو من يشهد فى ذلك اليوم على غيره ، من الشهادة على الخصم .
وقد ذكر المفسرون فى معنى هذين اللفظين ، ما يقرب من عشرين وجها .
قال صاحب الكشاف وقوله : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } يعنى : وشاهد فى ذلك اليوم ومشهود فيه . والمراد بالشاهد : من يشهد فيه من الخلائق كلهم . وبالمشهود : ما فى ذلك اليوم من عجائبه . ثم قال : وقد اضطربت أقوال المفسرين فيما ، فقيل : الشاهد والمشهود : محمد صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة . وقيل : عيسى وأمته . وقيل : أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأمم . وقيل : يوم التروية ويوم عرفة . وقيل : يوم عرفة ويوم الجمعة . وقيل : الحجر الأسود ، والحجيج . وقيل : الأيام والليالى . وقيل : الحفظة وبنو آدم . .
ويبدو لنا أن أقرب الأقوال والصواب : أن المراد بالشاهد هنا : الحاضر فى ذلك اليوم العظيم وهو يوم القيامة ، والرائى لأهواله وعجائبه .
وأن المراد بالمشهود : ما يشاهد فى ذلك اليوم من أحوال يشيب لها الولدان .
وقال - سبحانه - { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } بالتنكير ، لتهويل أمرهما ، وتفخيم شأنهما
( وشاهد ومشهود ) . . في ذلك اليوم الذي تعرض فيه الأعمال ، وتعرض فيه الخلائق ، فتصبح كلها مشهودة ، ويصبح الجميع شاهدين . . ويعلم كل شيء . ويظهر مكشوفا لا يستره ساتر عن القلوب والعيون . .
وتلتقي السماء ذات البروج ، واليوم الموعود ، وشاهد ومشهود . . تلتقي جميعا في إلقاء ظلال الاهتمام والاحتفال والاحتشاد والضخامة على الجو الذي يعرض فيه بعد ذلك حادث الأخدود . . كما توحي بالمجال الواسع الشامل الذي يوضع فيه هذا الحادث . وتوزن فيه حقيقته ويصفى فيه حسابه . . وهو أكبر من مجال الأرض ، وأبعد من مدى الحياة الدنيا وأجلها المحدود . .
وقوله : { وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } اختلف المفسرون في ذلك ، وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي{[29906]} حدثنا عُبَيد الله - يعني ابن موسى - حدثنا موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس الأنصاري ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ } يوم القيامة { وَشَاهِدٍ } يوم الجمعة . وما طلعت شمس ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة ، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه ، ولا يستعيذ فيها من شر إلا أعاذه ، { وَمَشْهُودٍ } يوم عرفة " {[29907]} .
وهكذا روى هذا الحديث ابن خُزَيمة ، من طرق عن موسى بن عُبَيدة الربذي - وهو ضعيف الحديث - وقد روي موقوفا على أبي هريرة ، وهو أشبه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد ، حدثنا شعبة ، سمعت علي بن زيد ويونس بن عبيد يحدثان عن عمار - مولى بني هاشم - عن أبي هريرة - أما عليّ فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما يونس فلم يَعْدُ أبا هريرة - أنه قال في هذه الآية : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : يعني الشاهدَ يومُ الجمعة ، ويوم مشهود يوم القيامة{[29908]} .
وقال أحمد أيضا : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن يونس ، سمعت عمارًا - مولى بني هاشم - يحدث عن أبي هريرة وأنه قال في هذه الآية : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة ، والموعود يوم القيامة{[29909]} .
وقد رُوي عن أبي هريرة أنه قال : اليوم الموعود يوم القيامة . وكذلك قال الحسن ، وقتادة ، وابن زيد . ولم أرهم يختلفون في ذلك ، ولله الحمد .
ثم قال ابن جرير : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثنا ضَمْضَم بن زُرْعَة ، عن شُرَيح بن{[29910]} عبيد ، عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اليوم الموعود يوم القيامة ، وإن الشاهد يوم الجمعة ، وإن المشهود يوم عرفة ، ويوم الجمعة ذخره الله لنا " {[29911]} .
ثم قال ابن جرير : حدثنا سهل بن موسى الرازي ، حدثنا ابن أبي فُدَيْك ، عن ابن حرملة ، عن سعيد بن المسَيَّب أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن سيد الأيام يوم الجمعة ، وهو الشاهدُ ، والمشهود يوم عرفة " {[29912]} .
وهذا مرسل من مراسيل سعيد بن المسيَّب ، ثم قال ابن جرير :
حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف المكي ، عن ابن عباس قال : الشاهد هو محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشهود يوم القيامة ، ثم قرأ : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } {[29913]} [ هود : 103 ] .
وحدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن شباك قال : سأل رجل الحسن بن علي عن : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : سألت أحدًا قبلي ؟ قال : نعم ، سألت ابن عمر وابن الزبير ، فقالا يوم الذبح ويوم الجمعة . فقال : لا ولكن الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم . ثم قرأ : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا } [ النساء : 41 ] ، والمشهود يوم القيامة ، ثم قرأ : { ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } {[29914]} .
وهكذا قال الحسن البصري . وقال سفيان الثوري ، عن ابن حرملة ، عن سعيد بن المسيب : { وَمَشْهُودٍ } يوم القيامة .
وقال مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك : الشاهد : ابن آدم ، والمشهود : يوم القيامة .
وعن عكرمة أيضا : الشاهد : محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشهود : يوم الجمعة .
[ وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الشاهد : الله ، والمشهود : يوم القيامة ]{[29915]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دُكَيْن ، حدثنا سفيان ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : الشاهد : الإنسان . والمشهود : يوم الجمعة . هكذا رواه ابن أبي حاتم .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مِهْران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } الشاهد : يوم عرفة ، والمشهود : يوم القيامة .
وبه عن سفيان - هو الثوري - عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : يوم الذبح ، ويوم عرفة ، يعني الشاهد والمشهود .
قال ابن جرير : وقال آخرون : المشهود يوم الجمعة . ورووا في ذلك ما حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثني عمي عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أيمن ، عن عبادة بن نُسَيّ ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة ، فإنه يوم مشهود ، تشهده الملائكة " {[29916]} .
وعن سعيد بن جبير : الشاهد : الله ، وتلا { وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } [ النساء : 79 ] ، والمشهود :
نحن . حكاه البغوي ، وقال : الأكثرون على أن الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة .
وقوله : وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : وأقسم بشاهد ، قالوا : وهو يوم الجمعة ، ومشهود ، قالوا : وهو يوم عرفة . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : أخبرنا ابن علية ، قال : أخبرنا يونس ، قال : أنبأني عمار ، قال : قال أبو هريرة : الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة قال يونس ، وكذلك قال الحسن .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت حارثة بن مضرب ، يحدّث عن عليّ رضي الله عنه ، أنه قال في هذه الاَية : وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : يوم الجمعة ، ويوم عرفة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة ويقال : الشاهد : الإنسان ، والمشهود : يوم القيامة .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ : يومان عظيمان من أيام الدنيا ، كنا نحدّث أن الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : الشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن عليّ رضي الله عنه : وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَشاهِدٍ يوم الجمعة ، ومَشْهُودٍ : يوم عرفة .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وَشاهِدٍ : يَوْمَ الجُمُعَةِ ، وَمَشْهُودٍ : يَوْمُ عَرَفَةَ » .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن نمير وإسحاق الرازي ، عن موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «المَشْهُودُ : يَوْمُ عَرَفَةَ ، والشّاهِدُ : يَوْمُ الجُمُعَةِ » .
حدثنا سهل بن موسى ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، عن ابن حرملة ، عن سعيد : أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ سَيّدَ الأيّامِ يَوْمُ الجُمُعَة ، وَهُوَ الشّاهِدُ ، وَالمَشْهُودُ : يَوْمُ عَرَفةَ » .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن موسى بن عبيد ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «المَشْهُودُ : يَوْمُ عَرَفَةَ ، والشّاهِدُ : يَوْمُ الجُمُعَةِ ، فِيهِ ساعَةٌ لا يُوَافِقُها مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللّهَ بِخَيْرٍ إلاّ اسْتَجابَ لَهُ ، وَلا يَسْتَعِيذُهُ مِنْ شَرَ إلاّ أعاذَهُ » .
حدثني محمد بن عوف ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : ثني أبي ، قال : ثني ضمضم بن زُرْعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعريّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ الشّاهِدَ يَوْمُ الجُمُعَةِ ، وَإنّ المَشْهُودَ يَوْمُ عَرَفَةَ ، فَيَوْمُ الجُمُعَةِ خِيرَةُ الله لَنا » .
حدثني سعيد بن الربيع الرازي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : سيد الأيام يوم الجمعة ، وهو شاهد .
وقال آخرون : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم القيامة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن شعبة ، عن عليّ بن زيد ، عن يوسف المكيّ ، عن ابن عباس قال : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم القيامة ، ثم قرأ ذَلكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وَذَلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن شباك ، قال : سأل رجل الحسن بن عليّ ، عن وشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : سألت أحدا قبلي ؟ قال : نعم سألت ابن عمر وابن الزبير ، فقالا : يوم الذبح ويوم الجمعة قال : لا ، ولكن الشاهد : محمد ، ثم قرأ : فَكَيْفَ إذَا جِئْنا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ ، وَجِئْنا بِكَ عَلى هَؤُلاءِ شَهِيدا والمشهود : يوم القيامة ، ثم قرأ : ذَلك يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وَذلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن أبي الضحى ، عن الحسن بن عليّ ، قال : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم القيامة .
حدثني سعيد بن الربيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن حَرْملة ، عن سعيد بن المسيب : وَمَشْهُودٍ : يوم القيامة .
وقال آخرون : الشاهد : الإنسان ، والمشهود : يوم القيامة . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ ، قال : حدثنا أسباط ، عن عبد الملك ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : الشاهد : ابن آدم ، والمشهود يوم القيامة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : الإنسان ، وقوله وَمَشْهُودٍ قال : يوم القيامة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، قال : الشاهد : الإنسان ، والمشهود : يوم القيامة .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن خالد الحذّاء ، عن عكرِمة ، في قوله : وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : شاهد : ابن آدم ، ومشهود : يوم القيامة .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَشاهِدٍ يعني الإنسان وَمَشْهُودٍ يوم القيامة ، قال الله : وَذَلكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ .
وقال آخرون : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم الجمعة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، في قوله : وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : الشاهد : محمد ، والمشهود : يوم الجمعة ، فذلك قوله : فَكَيْفَ إذَا جِئْنا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هَؤُلاءِ شَهِيدا .
وقال آخرون : الشاهد الله ، والمشهود : يوم القيامة . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله وَشاهِدٍ يقول الله وَمَشْهُودٍ يقول : يوم القيامة .
وقال آخرون : الشاهد : يوم الأضحى ، والمشهود : يوم الجمعة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن شباك ، قال : سأل رجل الحسن بن عليّ ، عن شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : سألتَ أحدا قبلي ؟ قال : نعم ، سألت ابن عمر وابن الزبير ، فقالا : يوم الذبح ، ويوم الجمعة .
وقال آخرون : الشاهد : يوم الأضحى ، والمشهود ، يوم عَرَفة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال : الشاهد : يوم عرفة ، والمشهود : يوم القيامة .
وقال آخرون : المشهود : يوم الجمعة ، ورَوَوْا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر الرواية بذلك :
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : ثني عمي عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أيمن ، عن عبادة بن نسيّ ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أكْثِرُوا عَليّ الصّلاةَ يَوْمُ الجُمُعَةِ ، فإنّهُ يَوْمٌ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ المَلائِكَةُ » .
والصواب من القول في ذلك عندنا : أن يقال : إن الله أقسم بشاهد شهد ، ومشهود شهد ، ولم يخبرنا مع إقسامه بذلك أيّ شاهد وأيّ مشهود أراد ، وكلّ الذي ذكرنا أن العلماء قالوا : هو المعنيّ مما يستحقّ أن يُقال له شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ .
وقوله : { ومشهود } ، معناه : عليه أو له أو فيه ، وهذا يترتب بحسب الحساب في تعيين المراد ب «شاهد ومشاهد » ، فقد اختلف الناس في المشار إليه بهما فقال ابن عباس : الشاهد الله تعالى ، والمشهود يوم القيامة ، وقال ابن عباس والحسن بن علي وعكرمة : الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم ، والمشهود يوم القيامة ، قال الله تعالى : { إنا أرسلناك شاهداً }{[11720]} [ الأحزاب : 45 ، الفتح : 8 ] ، وقال في يوم القيامة { وذلك يوم مشهود }{[11721]} [ هود : 103 ] ، وقال مجاهد وعكرمة أيضاً : الشاهد آدم وجميع ذريته ، والمشهود يوم القيامة ، ف { شاهد } اسم جنس على هذا ، وقال بعض من بسط قول مجاهد وعكرمة : { شاهد } أراد به رجل مفرد أو نسمة من النسم ، ففي هذا تذكير بحقارة المسكين ابن آدم ، والمشهود يوم القيامة ، وقال الحسن بن أبي الحسن وابن عباس أيضاً : الشاهد يوم عرفة ، ويوم الجمعة ، والمشهود يوم القيامة ، وقال ابن عباس وعلي وأبو هريرة والحسن وابن المسيب وقتادة : { شاهد } يوم الجمعة ، { ومشهود } يوم عرفة ، وقال ابن عمر : { شاهد } يوم الجمعة ، { ومشهود } يوم النحر ، وقال جابر : { شاهد } يوم الجمعة ، { ومشهود } الناس ، وقال محمد بن كعب : الشاهد أنت يا ابن آدم ، والمشهود الله تعالى ، وقال ابن جبير بالعكس ، وتلا : { وكفى بالله شهيداً }{[11722]} [ النساء : 79-166 ، الفتح : 28 ] ، وقال أبو مالك : الشاهد عيسى ، والمشهود أمته ، قال الله تعالى : { وكنت عليهم شهيداً }{[11723]} [ المائدة : 117 ] قال ابن المسيب : { شاهداً } يوم التروية ، { ومشهود } يوم عرفة ، وقال بعض الناس في كتاب النقاش : الشاهد يوم الإثنين والمشهود يوم الجمعة ، وذكره الثعلبي ، وقال علي بن أبي طالب : الشاهد يوم عرفة ، والمشهود يوم النحر ، وعنه أيضاً : { شاهد } يوم القيامة { ومشهود } يوم عرفة . وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : { شاهد } يوم الجمعة { ومشهود } يوم عرفة . قاله علي وأبو هريرة والحسن ، وقال إبراهيم النخعي : الشاهد يوم الأضحى والمشهود يوم عرفة .
قال القاضي أبو محمد : ووصف هذه الأيام ب { شاهد } لأنها تشهد لحاضريها بالأعمال ، والمشهود فيما مضى من الأقوال بمعنى المشاهد بفتح الهاء ، وقال الترمذي : الشاهد الملائكة الحفظة ، والمشهود عليهم الناس ، وقال عبد العزيز بن يحيى عند الثعلبي : الشاهد محمد ، والمشهود عليهم أمته نحو قوله تعالى :
{ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً }{[11724]} [ النساء : 41 ] أي شاهداً ، قال : الشاهد الأنبياء : والمشهود عليهم أممهم ، وقال الحسن بن الفضل : الشاهد أمة محمد ، والمشهود عليهم قوم نوح ، وسائر الأمم حسب الحديث المقصود في ذلك ، وقال ابن جبير أيضاً : الشاهد ، الجوراح التي تنطق يوم القيامة فتشهد على أصحابها ، والمشهود عليهم أصحابها ، وقال بعض العلماء : الشاهد الملائكة المتعاقبون في الأمة ، والمشهود قرآن الفجر ، وتفسيره قول الله تعالى : { إن قرآن الفجر كان مشهوداً }{[11725]} [ الإسراء : 87 ] وقال بعض العلماء : الشاهد ، النجم ، والمشهود عليه الليل والنهار ، أي يشهد النجم بإقبال هذا وتمام هذا ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : «حتى يطلع الشاهد{[11726]} ، والشاهد النجم » ، وقال بعض العلماء : الشاهد الله تعالى والملائكة وأولو العلم ، والمشهود به الوحدانية وأن الدين عند الله الإسلام ، وقيل الشاهد : مخلوقات الله تعالى ، والمشهود به وحدانيته ، وأنشد الثعلبي في هذا المعنى قول الشاعر [ أبو العتاهية ] : [ المتقارب ]
وفي كل شيء له آية . . . تدل على أنه الواحد{[11727]}
وقيل المعنى : فعل الله بهم ذلك لأنهم أهل له ، فهو على جهة الدعاء بحسب البشر ، لا أن الله يدعو على أحد ، وقيل عن ابن عباس معناه : لعن ، وهذا تفسير بالمعنى ، وقيل هو إخبار بأن النار قتلتهم ، قاله الربيع بن أنس ، وسيأتي بيانه
و{ شاهد ومشهود } مراد بهما النوع . فالشاهد : الرائي ، أو المخبر بحق لإِلزام منكره . والمشهود : المَرئي أو المشهود عليه بحق . وحذف متعلق الوصفين لدلالة الكلام عليه فيجوز أن يكون الشاهد حاضرَ ذلك اليوم الموعود من الملائكة قال تعالى : { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } [ ق : 21 ] .
ويجوز أن يكون الشاهد الله تعالى ويؤيده قوله : { واللَّه على كل شيء شهيد } أو الرسل والملائكة .
والمشهود : الناس المحشورون للحساب وهم أصحاب الأعمال المعرَّضون للحساب لأن العرف في المجامع أن الشاهد فيها : هو السالم من مشقتها وهم النظارة الذين يطَّلعون على ما يجري في المجمع ، وأن المشهود : هو الذي يطَّلعُ الناسُ على ما يجري عليه .
ويجوز أن يكون الشاهد : الشاهدين من الملائكة ، وهم الحفظة الشاهدون على الأعمال . والمشهود : أصحاب الأعمال . وأن يكون الشاهد الرسل المبلغين للأمم حين يقول الكفار : ما جاءنا من بشير ولا نذير ومحمد صلى الله عليه وسلم يشهد على جميعهم وهو ما في قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } [ النساء : 41 ] .
وعلى مختلف الوجوه فالمناسبة ظاهرة بين { شاهد ومشهود } وبين ما في المقسم عليه من قوله : { وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود } ، وقوله : { إذ هم عليها قعود } أي حضور .
وروى الترمذي من طريق موسى بن عبيدة إلى أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة " . أي فالتقدير : ويومٍ شاهد ويومٍ مشهود . قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث ضعفه يحيى بن سعيد وغيره من قِبَل حفظه اه .
ووصف « يوم » بأنه « شاهد » مجاز عقلي ، ومحمل هذا الحديث على أن هذا مما يراد في الآية من وصف { شاهد } ووصف { مشهود } فهو من حَمْل الآية على ما يحتمله اللفظ في حقيقة ومجاز كما تقدم في المقدمة التاسعة .