المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

والذين اجتنبوا الأصنام والشياطين ، ولم يتقربوا إليها ، ورجعوا إلى الله في كل أمورهم ، لهم البشارة العظيمة في جميع المواطن ، فبشر - يا محمد - عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون الأحسن والأهدى إلى الحق ، أولئك - دون غيرهم - الذين يوفقهم الله إلى الهدى ، وأولئك هم - دون غيرهم - أصحاب العقول النَّيِّرة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

قوله تعالى : { والذين اجتنبوا الطاغوت } الأوثان . { أن يعبدوها وأنابوا إلى الله } رجعوا إلى عبادة الله { لهم البشرى } ، في الدنيا والجنة ، في العقبى بالمغفرة . { فبشر عباد } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ } :

لما ذكر حال المجرمين ذكر حال المنيبين وثوابهم ، فقال : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا } والمراد بالطاغوت في هذا الموضع ، عبادة غير اللّه ، فاجتنبوها في عبادتها . وهذا من أحسن الاحتراز من الحكيم العليم ، لأن المدح إنما يتناول المجتنب لها في عبادتها .

{ وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ } بعبادته وإخلاص الدين له ، فانصرفت دواعيهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الملك العلام ، ومن الشرك والمعاصي إلى التوحيد والطاعات ، { لَهُمُ الْبُشْرَى } التي لا يقادر قدرها ، ولا يعلم وصفها ، إلا من أكرمهم بها ، وهذا شامل للبشرى في الحياة الدنيا بالثناء الحسن ، والرؤيا الصالحة ، والعناية الربانية من اللّه ، التي يرون في خلالها ، أنه مريد لإكرامهم في الدنيا والآخرة ، ولهم البشرى في الآخرة عند الموت ، وفي القبر ، وفي القيامة ، وخاتمة البشرى ما يبشرهم به الرب الكريم ، من دوام رضوانه وبره وإحسانه وحلول أمانه في الجنة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

والطاغوت : يطلق على كل معبود سوى الله - تعالى - كالشيطان والأصنام وما يشبههما ، مأخوذ من الطغيان ، وهو مجاوزة الحد فى كل شئ . ويستعمل فى الواحد والجمع والمذكور المؤنث .

والاسم الموصول مبتدأ . وجملة { أَن يَعْبُدُوهَا } بدل اشتمال من الطاغوت ، وجملة { لَهُمُ البشرى } هى الخبر .

والمعنى : والذين اجتنبوا عبادة الطاغوت ، وكرهوا عبادة غير الله - تعالى - أيا كان هذا المعبود ، وأقبلوا على الخضوع والخشوع له وحده - عز وجل . أولئك الذين يفعلون ذلك { لَهُمُ البشرى } العظيمة فى حياتهم ، وعند مماتهم ، وحين يقفون بين يديى الله - تعالى - : { فَبَشِّرْ عِبَادِ } أى : فبشر - أيها الرسول الكريم - عبادى الذين هذه مناقبهم ، وتلك صفاتهم . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

وعلى الضفة الأخرى يقف الناجون ، الذين خافوا هذا المصير المشؤوم :

والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى . فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله . وأولئك هم أولو الألباب . .

والطاغوت صياغة من الطغيان ؛ نحو ملكوت وعظموت ورحموت . تفيد المبالغة والضخامة . والطاغوت كل ما طغا وتجاوز الحد . والذين اجتنبوا عبادتها هم الذين اجتنبوا عبادة غير المعبود في أية صورة من صور العبادة . وهم الذين أنابوا إلى ربهم . وعادوا إليه ، ووقفوا في مقام العبودية له وحده .

هؤلاء ( لهم البشرى )صادرة إليهم من الملأ الأعلى . والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يبلغها لهم بأمر الله : ( فبشر عباد ) . . إنها البشرى العلوية يحملها إليهم رسول كريم . وهذا وحده نعيم !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

وقوله : وَالّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ : أي اجتنبوا عبادة كلّ ما عُبد من دون الله من شيء . وقد بيّنا معنى الطاغوت فيما مضى قبل بشواهد ذلك ، وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، وذكرنا أنه في هذا الموضع : الشيطان ، وهو في هذا الموضع وغيره بمعنى واحد عندنا . ذكر من قال ما ذكرنا في هذا الموضع :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَالّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ قال : الشيطان .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ وَالّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أنْ يَعْبُدُوها قال : الشيطان .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَالّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أنْ يَعْبُدُوها قال : الشيطان هو هاهنا واحد وهي جماعة .

والطاغوت على قول ابن زيد هذا واحد مؤنث ، ولذلك قيل : أن يعبدوها . وقيل : إنما أُنثث لأنها في معنى جماعة .

وقوله : وأنابُوا إلى اللّهِ يقول : وتابوا إلى الله ورجعوا إلى الإقرار بتوحيده ، والعمل بطاعته ، والبراءة مما سواه من الاَلهة والأَنداد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأنابُوا إلى اللّهِ : وأقبلوا إلى الله .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : وأنابُوا إلى اللّهِ قال : أجابوا إليه .

وقوله : لَهُمُ البُشْرَى يقول : لهم البشرى في الدنيا بالجنة في الاَخرة فَبَشّرْ عِبادِ الّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فبشر يا محمد عبادي الذين يستمعون القول من القائلين ، فيتبعون أرشده وأهداه ، وأدله على توحيد الله ، والعمل بطاعته ، ويتركون ما سوى ذلك من القول الذي لا يدل على رشاد ، ولا يهدي إلى سداد . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَيَتّبِعُونَ أحْسَنَهُ وأحسنه طاعة : الله .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : فَيَتّبِعُونَ أحْسَنَهُ قال : أحسن ما يؤمرون به فيعملون به .

وقوله : أُولَئِكَ الّذِينَ هَداهُمُ اللّهُ يقول تعالى ذكره : الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، الذين هداهم الله ، يقول : وفقهم الله للرشاد وإصابة الصواب ، لا الذين يُعْرِضون عن سماع الحقّ ، ويعبدون ما لا يضرّ ، ولا ينفع . وقوله : أُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الألْبابِ يعني : أولو العقول والحجا .

وذُكر أن هذه الاَية نزلت في رهط معروفين وحّدوا الله ، وبرئوا من عبادة كل ما دون الله قبل أن يُبعث نبيّ الله ، فأنزل الله هذه الاَية على نبيه يمدحهم . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَالّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أنْ يَعْبُدُوها . . . الاَيتين ، حدثني أبي أن هاتين الاَيتين نزلتا في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله : زيد بن عمرو ، وأبي ذرّ الغفاري ، وسلمان الفارسيّ ، نزل فيهم : وَالّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أنْ يَعْبُدُوها في جاهليتهم وأنابُوا إلى اللّهِ لَهُمُ البُشْرَى فَبَشّرْ عِبادِ الّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتّبِعُونَ أحْسَنَهُ لا إله إلا الله ، أولئك الذين هداهم الله بغير كتاب ولا نبيّ وأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبابِ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

وقوله تعالى : { والذين اجتنبوا الطاغوت } الآية ، قال ابن زيد : إن سبب نزولها زيد بن عمرو بن نفيل وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري ، والإشارة إليهم ، وقال ابن إسحاق : الإشارة بها إلى عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد والزبير ، وذلك أنه لما أسلم أبو بكر سمعوا ذلك فجاؤوه ، فقالوا أسلمت ؟ قال نعم ، وذكرهم بالله فآمنوا بأجمعهم فنزلت فيهم هذه الآية ، وهي على كل حال عامة في الناس إلى يوم القيامة يتناولهم حكمها . و { الطاغوت } : كل ما يعبد من دون الله . و { الطاغوت } أيضاً : الشيطان ، وبه فسر هنا مجاهد والسدي وابن زيد ، وأوقعه هنا على جماعة الشياطين ، ولذلك أنث الضمير بعد .