فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

{ والذين اجتنبوا الطاغوت أَن يَعْبُدُوهَا } الموصول مبتدأ ، وخبره قوله { لَهُمُ البشرى } والطاغوت بناء مبالغة في المصدر كالرحموت والعظموت ، وهو : الأوثان والشيطان . وقال مجاهد ، وابن زيد : هو الشيطان . وقال الضحاك والسدّي : هو الأوثان . وقيل : إنه الكاهن . وقيل : هو اسم أعجمي مثل طالوت وجالوت . وقيل : إنه اسم عربيّ مشتق من الطغيان . قال الأخفش : الطاغوت جمع ، ويجوز أن يكون واحده مؤنثاً ، ومعنى اجتنبوا الطاغوت : أعرضوا عن عبادته ، وخصوا عبادتهم بالله عزّ وجلّ ، وقوله : { أَن يَعْبُدُوهَا } في محل نصب على البدل من الطاغوت بدل اشتمال ، كأنه قال : اجتنبوا عبادة الطاغوت ، وقد تقدّم الكلام على تفسير الطاغوت مستوفى في سورة البقرة ، وقوله : { وَأَنَابُواْ إِلَى الله } معطوف على اجتنبوا ، والمعنى : رجعوا إليه ، وأقبلوا على عبادته معرضين عما سواه { لَهُمُ البشرى } بالثواب الجزيل ، وهو الجنة . وهذه البشرى إما على ألسنة الرسل ، أو عند حضور الموت ، أو عند البعث .

/خ20