محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ} (17)

{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا } يعني الأوثان . و ( فعلوت ) للمبالغة { وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى } أي بالثواب { فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } أي إيثارا للأفضل واهتماما بالأكمل . قال الزمخشريّ : أراد أن يكونوا نقادا في الدين ، يميزون بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل . ويدخل تحته المذاهب واختيار أثبتها على السبك ، وأقواها عند السبر ، وأبينها دليلا وأمارة . وأن لا تكون في مذهبك كما قال القائل :

لا تكن مثل عَيْر قِيدَ فانقادَا *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يريد المقلد . انتهى .

ويدخل تحته أيضا إيثار الأفضل من كل نوعين ، اعتراضا . كالواجب مع الندب . والعفو مع القصاص . والإخفاء مع الإبداء في الصدقة ، وهكذا { أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب * أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ } أي أفأنت تنقذه منها ؟ أي : لا يمكن إنقاذه أصلا .