ثم قال تعالى : { والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها } أي : والذين اجتنبوا عبادة الطاغوت وهو كل ما يعبد من دون الله .
وقيل : هو إبليس اللعين{[58790]} .
قال الأخفش{[58791]} : ( الطاغوت جمع . ويجوز أن يكون واحدة مؤنثة ){[58792]} وقال الزجاج{[58793]} : الطاغوت : الشياطين{[58794]} .
ويروى أن هذه الآية نزلت في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد{[58795]} وسعيد{[58796]} وطلحة{[58797]} والزبير{[58798]} رضي الله عليهم لما آمن أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه أتاه هؤلاء فسألوه فأخبرهم بإيمانه فآمنوا وصدقوا ، فنزل فيهم : { والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها }{[58799]} الآية/ ونزل فيهم : { فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه }{[58800]} .
قال مالك : الطاغوت : ( ما يعبد ){[58801]} من دون الله{[58802]} .
ثم قال تعالى : { وأنابوا إلى الله } أي : تابوا ورجعوا{[58803]} عن معاصيه أجابوا داعيه .
لهم البشرى : قال السدي : لهم البشرى في الدنيا بالجنة في الآخرة{[58804]} .
ثم قال تعالى : { فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه } .
روى أبو عبد الرحمن{[58805]} وأبو حمدون{[58806]} عن اليزيدي{[58807]} ( عبادي ) بياء مفتوحة في الوصل ، وبغير ياء في الوقف اتباعا للخط ، وحكى ذلك أيضا ابن واصل{[58808]} عن اليزيدي ، ( وكذلك حكى إبراهيم بن اليزيدي{[58809]} ( وابن سعدان ){[58810]} كلاهما عن اليزيدي ){[58811]} .
ولم يذكر ابن سعدان الوقف ولا إبراهيم .
وأنكر أبو عبد الرحمن الوقف بغير ياء ، وقال : لا بد من الوقف بالياء لتحركها .
وقد روى الشموني{[58812]} عن الأعمش{[58813]} عن أبي بكر ( عبادي ) بياء مفتوحة{[58814]} .
ومعنى الآية : فبشر يا محمد عبادي{[58815]} الذين يستمعون القول فيتبعون أرشده وأهداه إلى الحق وأدله على توحيد الله عز وجل والعمل بطاعته .
وقال السدي : معناه : فيتبعون أحسن ما يؤمرون به فيعملون به{[58816]} .
وقال الضحاك : القول هنا : القرآن{[58817]} .
ومعنى : { فيتبعون أحسنه } أي : يتبعون ما أمر الله{[58818]} به الأنبياء من طاعته فيعملون به أي : يستمعون{[58819]} العفو عن الظالم والعقوبة ، فيتبعون العفو{[58820]} ويتركون العقوبة وإن كانت لهم . وإنما نزل ذلك فيما وقع في القرآن في الإباحة فيفعلون الأفضل مما أبيح لهم فيختارون العفو على القصاص والصبر على الانتقام اقتداء بقوله تعالى : { ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور }{[58821]} .
وقيل : المعنى : يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن{[58822]} .
ثم قال : { أولئك الذين هداهم الله } ، أي : وفقهم الله{[58823]} للرشاد وإصابة الحق { وأولئك هم أولوا الألباب } أي : العقول . وَلَبُّ كل شيء : خالصه .
وروي أن هذه الآية نزلت في رهط معروفين وحدّوا الله وتبروا من عبادة كل ما دون الله قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم{[58824]} وهم فيما روى زيد بن أسلم{[58825]} : زيد بن عمرو بن نفيل{[58826]} وأبو ذر الغفاري{[58827]} وسلمان الفارسي كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله{[58828]} .
فيكون المعنى : والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها في جاهليتهم وأنابوا إلى الله سبحانه ، أي : رجعوا إلى توحيد الله عز وجل .
وقوله : { فيتبعون أحسنه } ، هو : لا إله إلا الله .
{ أولئك الذين هداهم الله } أي : أرشدهم بغير كتاب ولا نبي .
وقوله : { فبشر عباد } تمام عند أبي حاتم وغيره ، لأنه رأس آية{[58829]} .
ورفع{[58830]} ( الذين ) بإضمار رافع ، أو بنصبهم{[58831]} على إضمار ناصب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.