المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} (101)

101- فإذا جاء موعد البعث بعثناهم بدعوتهم إلي الخروج من مقابرهم ، وذلك بما يشبه النفخ في البوق فيجيئون متفرقين ، لا تنفع أحداً قرابة أحد ، ولا يسأل بعضهم بعضا شيئاً ينفعه ، فلكل منهم يومئذ ما يشغله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} (101)

قوله تعالى : { فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم } اختلفوا في هذه النفخة ، فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنها النفخة الأولى في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض فلا أنساب بينهم { يومئذ ولا يتساءلون } ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون . وعن ابن مسعود : أنها النفخة الثانية ، قال : " يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين ثم ينادي مناد : هذا فلان ابن فلان ، فمن كان له قبله حق فليأت إلى حقه ، فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده وولده أو زوجته أو أخيه فيأخذ منه ، ثم قرأ ابن مسعود : { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } . وفي رواية عطاء عن ابن عباس : أنها الثانية ( فلا أنساب بينهم ) أي : لا يتفاخرون بالأنساب يومئذ كما كانوا في الدنيا ، ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا : من أنت ومن أي قبيلة أنت ؟ ولم يرد أن الأنساب تنقطع . فإن قيل : أليس قد جاء في الحديث : " كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي " . قيل : معناه لا يبقى يوم القيامة سبب ولا نسب إلا سببه ونسبه ، وهو الإيمان والقرآن . فإن قيل : قد قال هاهنا { ولا يتساءلون } وقال في موضع آخر : { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } الجواب : ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن للقيامة أحوالاً ومواطن ، ففي موطن يشتد عليهم الخوف ، فيشغلهم عظم الأمر عن التساؤل فلا يتساءلون ، وفي موطن يفيقون إفاقةً فيتساءلون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} (101)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } .

اختلف أهل التأويل في المعنىّ بقوله : فإذَا نُفِخَ في الصّور من النفختين أيُتهما عُنِيَ بها ؟ فقال بعضهم : عُنِيَ بها النفخة الأولى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، قال : حدثنا عمرو بن مطرف ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جُبير ، أن رجلاً أتى ابن عباس فقال : سمعت الله يقول : فَلا أنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ . . . الاَية ، وقال في آية أخرى : وأقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ فذلك في النفحة الإولى ، فلا يبقى على الأرض شىء ، ( فلا أنْساب بَينَمْ يَومَئذ ولا يَيَساءلون1 . فإنهم لما دخلوا الجنة أقيل بعضهم على بعض يتساءلون :

وأما قوله : وأقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يتساءلون

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن السديّ ، في قوله : فإذَا نُفِخَ في الصُورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ قال : في النفخة الأولى .

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَلا أنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وعلا يَتَساءَلُونَ فذلك حين ينفخ في الصور ، فلا حيّ يبقى إلا الله . وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ فذلك إذا بُعثوا في النفخة الثانية .

قال أبو جعفر : فمعنى ذلك على هذا التأويل : فإذا نفخ في الصور ، فصَعِق مَنْ في السموات ومَنْ في الأرض إلا مَنْ شاء الله ، فلا أنساب بينهم يومئذٍ يتواصلون بها ، ولا يتساءلون ، ولا يتزاورون ، فيتساءلون عن أحوالهم وأنسابهم .

وقال آخرون : بل عُنِيَ بذلك النفخة الثانية . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن هارون بن أبي وكيع ، قال : سمعت زاذان يقول : أتيت ابن مسعود ، وقد اجتمع الناس إليه في داره ، فلم أقدر على مجلس ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، من أجل أني رجل من العجم تَحْقِرُني ؟ قال : ادْنُ قال : فدنوت ، فلم يكن بيني وبينه جليس ، فقال : «يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأوّلين والاَخرين ، قال : وينادِي مناد : ألا إن هذا فلان ابن فلان ، فمن كان له حقّ قبله فليأت إلى حقه ، قال : فتفرح المرأة يومئذٍ أن يكون لها حقّ على ابنها أو على أبيها أو على أخيها أو على زوجها فَلا أنسْابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ .

حدثنا القاسم ، قال حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن هارون بن عنترة ، عن زاذان ، قال : سمعت ابن مسعود يقول : «يؤخذ العبد أو الأمة يوم القيامة ، فينصب على رؤوس الأوّلين والاَخرين ، ثم ينادِي مناد ، ثم ذكر نحوه ، وزاد فيه : فيقول الربّ تبارك وتعالى للعبد : أعطِ هؤلاء حقوقهم فيقول : أي ربّ ، فَنِيتِ الدنيا ، فمن أين أعطيهم ؟ فيقول للملائكة : خذوا من أعماله الصالحة وأعطوا لكل إنسان بقدر طِلبته فإن كان له فضلُ مثقال حبة من خردل ، ضاعفها الله له حتى يدخله بها الجنة . ثم تلا ابن مسعود : إنّ اللّهَ لا يَظلِمُ مِثْقالَ ذَرّةٍ وَإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أجْرا عَظِيما وإن كان عبدا شقيّا قالت الملائكة : ربنا ، فنيت حسناتُه وبقي طالبون كثير ، فيقول : خذوا من أعمالهم السيئة فأضيفوها إلى سيئاته ، وصُكّوا له صَكّا إلى النار » .

قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج : فإذَا نُفِخَ فِي الصّورِ فَلا أنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءلُونَ قال : لا يُسأل أحد يومئذٍ بنسب شيئا ، ولا يتساءلون ، ولا يمتّ إليه برحم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني محمد بن كثير ، عن حفص بن المغيرة ، عن قتادة ، قال : ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعافُه ، مخافة أن يذوب له عليه شيء . ثم قرأ : يَوْمَ يَفِرّ المَرْءُ مِنْ أخِيهِ وأُمّههِ وأبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلّ امرِىءٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شأْنٌ يُغْنِيهِ .

قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا الحكَم بن سِنان ، عن سَدُوس صاحب السائريّ ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنّةِ الجَنّةِ وأهْلُ النّارِ النّارَ ، نادَى مُنادٍ مِنْ أَهْلِ العَرْشِ : يا أهْلَ التّظالُمِ تَدَارَكُوا مَظالِمَكُمْ وَادْخُلُوا الجَنّةَ » .