البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} (101)

النسب : القرابة من جهة الولادة .

وقرأ ابن عباس والحسن وابن عياض { فِى الصور } بفتح الواو جمع صورة ، وأبو رزين بكسر الصاد وفتح الواو ، وكذا فأحسن صوركم وجمع فعلة بضم الفاء على فعل بكسر الفاء شاذ .

{ فَلاَ أنساب } نفي عام ، فقال ابن عباس : عند النفخة الأولى يموت الناس فلا يكون بينهم نسب في ذلك الوقت وهم أموات ، وهذا القول يزيل هول الحشر .

وقال ابن مسعود وغيره : عند قيام الناس من القبور فلهول المطلع اشتغل كل امرىء بنفسه فانقطعت الوسائل وارتفع التفاخر والتعاون بالأنساب .

وعن قتادة : ليس أحد أبغض إلى الإنسان في ذلك اليوم ممن يعرف لأنه يخاف أن يكون له عنده مظلمة ، وفي ذلك اليوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه .

وقيل : { فَلاَ أنساب } أي لا تواصل بينهم حين افتراقهم إلى ما أعدّ لهم من ثواب وعقاب ، وإنما التواصل بالأعمال .

وقرأ عبد الله ولا يساءلون بتشديد السين أدغم التاء في السين إذ أصله { يَتَسَاءلُونَ } ولا تعارض بين انتفاء التساؤل هنا وبين إثباته في قوله { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } لأن يوم القيامة مواطن ومواقف ، ويمكن أن يكون انتفاء التساؤل عند النفخة الأولى ، وأما في الثانية فيقع التساؤل .