الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} (101)

{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } .

قال أبو العالية : هو كقوله

{ وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } [ المعارج : 10 ] .

وقال ابن جريج : معنى الآية لا يُسأل أحد يومئذ شيئاً بنسب ولا يتساءلون ، لا يمتّ إليه برحم ، واختلف المفسّرون في المراد بقوله { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ } أىّ النفختين عنى ؟ فقال ابن عباس : هي النفخة الأُولى .

أخبرني ابن فنجويه بقراءتي عليه قال : حدَّثنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب قال : حدَّثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرَّحْمن بن أبي عوف قال : حدَّثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحّراني قال : حدَّثنا محمد بن سلمة بن أبي عبد الرحيم قال : حدّثني زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس ، قوله سبحانه { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } فهذه في النفخة الاولى

{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ اللَّهُ } [ الزمر : 68 ] { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }

{ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } [ الزمر : 68 ]

{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَآءَلُون } [ الصافات : 27 ] .

وقال ابن مسعود : هي النفخة الثانية . أخبرني الحسين بن محمد بن فنجويه قال : حدَّثنا عبيد الله بن محمد بن شيبة قال : حدَّثنا جعفر بن محمد الفريابي قال : حدَّثنا يزيد بن موهب الرملي قال : حدَّثنا عيسى بن يونس عن هارون بن أبي وكيع قال : سمعت زاذان أبا عمر يقول : دخلت على ابن مسعود فوجدت أصحاب الخز واليمنة قد سبقوني إلى المجالس ، فناديته ، يا عبد الله بن مسعود من أجل أنّي رجل أعجمي أدنيتَ هؤلاء وأقصيتني ؟ فقال : ادنُ ، فدنوت حتى ما كان بيني وبينه جليس ، فسمعته يقول : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينصب على رؤوس الأوّلين الآخرين ثمَّ ينادي مناد : هذا فلان ابن فلان فمن كان له قِبَله حقّ فليأتِ إلى حقّه ، فتفرح المرأة أن يدور لها الحقّ على أبيها أو على زوجها أو على ابنها أو على أُختها ، ثم قرأ ابن مسعود { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }

قال : فيقول الله سبحانه : آت هؤلاء حقوقهم ، فيقول : ربّ فنيت الدنيا ، فيقول للملائكة : خذوا من أعماله فأعطوا كلّ إنسان بقدر طلبته ، فإن كان ولياً لله عزَّ وجل وفضلت له من حسناته مثقال حبّة من خردل ضاعفها حتى يدخله بها الجنة ، ثم قرأ ابن مسعود :

{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا } [ النساء : 40 ] . وإن كان شقيّاً قالت الملائكة : ربّ فنيتْ حسناته وبقي طالبون ، فيقول : خذوا من أعمالهم السيئة فأضيفوها إلى سيئاته وصكّوا له صكاً الى النار .