فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} (101)

{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصور } قيل : هذه هي النفخة الأولى . وقيل : الثانية ، وهذا أولى ، وهي النفخة التي تقع بين البعث والنشور . وقيل : المعنى : فإذا نفخ في الأجساد أرواحها ، على أن الصور جمع صورة ، لا القرن ويدلّ على هذا قراءة ابن عباس والحسن : «الصور » بفتح الواو مع ضم الصاد جمع صورة . وقرأ أبو رزين بفتح الصاد والواو ، وقرأ الباقون بضم الصاد وسكون الواو ، وهو القرن الذي ينفخ فيه { فَلاَ أنساب بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ } أي لا يتفاخرون بالأنساب ويذكرونها لما هم فيه من الحيرة والدهشة { وَلاَ يَتَسَاءلُونَ } أي لا يسأل بعضهم بعضاً ، فإن لهم إذ ذاك شغلاً شاغلاً ، ومنه قوله تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ وَأُمّهِ وَأَبِيهِ وصاحبته وَبَنِيهِ } [ عبس : 34 36 ] . وقوله : { وَلاَ يَسْألُ حَمِيمٌ حَمِيماً } [ المعارج : 10 ] . ولا ينافي هذا ما في الآية الأخرى من قوله : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } [ الطور : 25 ] . فإن ذلك محمول على اختلاف المواقف يوم القيامة ، فالإثبات باعتبار بعضها ، والنفي باعتبار بعض آخر كما قررناه في نظائر هذا ، مما أثبت تارة ونفي أخرى .

خ/118