السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} (101)

{ فإذا نفخ في الصور } أي : القرن ، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنها النفخة الأولى ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض { فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون } ثم نفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون ، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ، وعن ابن مسعود أنها النفخة الثانية قال : يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين ، ثم ينادي منادٍ هذا فلان بن فلان ، فمن كان له قبله حق فليأت إلى حقه فيفرح المرء أن يكون له حق على والده أو ولده أو زوجته أو أخيه ، فيأخذه منهم ، ثم قرأ ابن مسعود فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون ، وفي رواية عطاء عن ابن عباس أنها النفخة الثانية فلا أنساب بينهم أي : لا يتفاخرون بالأنساب يومئذٍ كما كانوا يتفاخرون بها في الدنيا ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا من أنت ومن أي قبيل أنت ، ولم يرد أن الإنسان ينقطع نسبه ، فإن قيل : قد قال تعالى هنا : ولا يتساءلون ، وقال تعالى في موضع آخر : { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } [ الصافات ، 27 ] ؟ أجيب : بأن ابن عباس قال : إن للقيامة أحوالاً ومواطن ففي موطن يشتد عليهم الخوف فيشغلهم عظم الأمر عن التساؤل ، فلا يتساءلون ، وفي موطن يفيقون إفاقة فيتساءلون ، وقيل : التساؤل بعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار .