قوله تعالى : { وما كان لنفس } ، وما ينبغي لنفس . وقيل : ما كانت نفس ، { أن تؤمن إلا بإذن الله } ، قال ابن عباس : بأمر الله . وقال عطاء : بمشيئة الله . وقيل : بعلم الله . { ويجعل الرجس } ، قرأ أبو بكر : ونجعل بالنون ، والباقون بالياء ، أي : ويجعل الله الرجس أي : العذاب وهو الرجز ، { على الذين لا يعقلون } ، عن الله أمره ونهيه .
وقوله - سبحانه - { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله . . . } تأكيد لما اشتملت عليه الآية السابقة من قدرة نافذة لله - تعالى - أى : " وما صح وما استقام لنفس من الأنفس ، أن تؤمن في حال من الأحوال ، إلا بإذن الله " أى : إلا بإرادته ومشيئته وتوفيقه وهدايته .
وقوله : { وَيَجْعَلُ الرجس عَلَى الذين لاَ يَعْقِلُونَ } معطوف على محذوف يدل عليه الكلام السابق دلالة الضد على الضد ، والرجس : يطلق على الشيء القبيح المستقدر .
والمعنى : وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ، فيأذن لمن يشاء من تلك الأنفس بالإِيمان ، ويجعل الرجس أى الكفر وما يترتب عليه من عذاب على القوم الذين لم يستعملوا عقولهم فيما يهدى إلى الحق والخير ، بل استعملوها فيما يوصل إلى الاباطيل والشرور .
( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ) :
وفق سنته الماضية التي بيناها . فلا تصل إلى الإيمان وقد سارت في الطريق الآخر الذي لا يؤدي إليه . لا أنها تريد الإيمان وتسلك طريقه ثم تمنع عنه ، فهذا ليس المقصود بالنص . بل المقصود انها لا تصل إلى الإيمان إلا إذا سارت وفق إذن الله وسنته في الوصول إليه من طريقه المرسوم بالسنة العامة . وعندئذ يهديها الله ويقع لها الإيمان بإذنه . فلا شيء يتم وقوعه إلا بقدر خاص به . إنما الناس يسيرون في الطريق . فيقدر الله لهم عاقبة الطريق ، ويوقعها بالفعل جزاء ما جاهدوا في الله ليهتدوا . .
( ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ) . .
فالذين عطلوا عقولهم عن التدبر ، يجعل الرجس عليهم . والرجس أبشع الدنس الروحي ، فهؤلاء ينالهم ذلك الرجس بسبب تعطيلهم لمداركهم عن التعقل والتدبر ، وانتهاؤهم بهذا إلى التكذيب والكفران .
{ وما كان لنفس أن تؤمن } بالله . { إلا بإذن الله } إلا بإرادته وألطافه وتوفيقه فلا تجهد نفسك في هداها فإنه إلى الله . { ويجعل الرّجس } العذاب أو الخذلان فإن سببه . وقرئ بالزاي وقرأ أبو بكر " ونجعل " بالنون . { على الذين لا يعقلون } لا يستعملون عقولهم بالنظر في الحجج والآيات ، أو لا يعقلون دلائله وأحكامه لما على قلوبهم من الطبع .
وقوله تعالى : { وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله } الآية ، رد إلى الله تعالى وإلى أن الحول والقوة لله ، في إيمان من يؤمن وكون الرجس على الكفار ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «ونجعل الرجس » بنون العظمة ، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم : «ويجعل » بالياء وقرأ الأعمش : «ويجعل » الله الرجس « ، و { الرجس } يكون بمعنى العذاب كالرجز ، ويكون بمعنى القذر والنجاسة ذكره أبو علي هنا وغيره وهو في هذه الآية بمعنى العذاب ، و { لا يعقلون } يريد آيات الله وحجج الشرع . ومعنى «الإذن »في هذه الآية الإرادة والتقدير لذلك ، فهو العلم والتمكين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.