قوله : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ } كقوله : { أَنْ تَمُوتَ } [ آل عمران : 145 ] وقد تقدم في آل عمران [ 145 ] . والمعنى : ما ينبغي لنفس . وقيل : ما كانت لتؤمن إلاَّ بإذنِ الله . قال ابن عبَّاسٍ : بأمر الله{[18624]} . وقال عطاءٌ : بمشيئة الله{[18625]} . وقيل : بعلم الله . " ويَجْعَلُ " قرأ أبو بكر{[18626]} عن عاصم بنون العظمة . والباقون : بياء الغيبةِ وهو الله تعالى . وقرأ الأعمش " ويجعلُ{[18627]} الرجز " بالزاي دون السين ، وقد تقدَّم هل هما بمعنى ، أو بينهما فرقٌ ؟ [ الأعراف : 134 ] ثم قال : { عَلَى الذين لاَ يَعْقِلُونَ } أي : من الله أمره ونهيه .
احتجُّوا بقوله : { وَيَجْعَلُ الرجس عَلَى الذين لاَ يَعْقِلُونَ } على أنَّ خالق الكفر والإيمان هو الله تعالى ، وتقريره : أنَّ الرِّجْسَ قد يراد به : العملُ القبيحُ ، قال تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } [ الأحزاب : 33 ] والمراد من الرِّجْسٍ هنا : العملُ القبيحُ سواء كان كفراً أو معصية ، وبالتَّطهير : نقل العبد من رجس الكفر ، والمعصية إلى طهارة الإيمان ، والطَّاعة ، فلما ذكر الله تعالى فيما قبل هذه الآية أنَّ الإيمان إنَّما يحصلُ بمشيئة الله وتخليقه ، ذكر بعد أنَّ الرِّجْسَ لا يحصلُ إلاَّ بتخليقه . والرِّجْسُ الذي يقابلُ الإيمان ليس إلاَّ الكفر .
وأجاب أبو علي الفارسي النحوي عنه فقال : الرِّجْسُ ، يحتمل وجهين آخرين .
أحدهما : أن يكون المراد منه العذاب ، فيكون المعنى : يلحق العذاب بالذين لا يعقلون ، كقوله { وَيُعَذِّبَ المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } [ الفتح : 6 ] . الثاني : أنَّه تعالى حكم عليهم بأنَّهم نجس ، كما قال : { إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ } [ التوبة : 28 ] أي : أنَّ الطَّهارة الثابتة للمسلمين لم تحصل لهم .
وأجابُوا : أنَّ حمل الرجس على العذاب باطلٌ ؛ لأنَّ الرِّجْسَ عبارة عن الفاسد المستقذر المستكره فحمل هذا اللفظ على كفرهم وجهلهم أولى من حمله على عذاب الله مع كونه حقّاً صِدْقاً صواباً . وأمَّا حمل الرِّجْسِ على حكم الله برجاستهم ، فهو في غاية البعد ؛ لأنَّ حكم الله تعالى بذلك صفته ، فكيف يجوز أن يقال : إنَّ صفة الله رجسٌ ، فثبت أنَّ دلالة الآية على الكفر ظاهرةٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.