نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تُؤۡمِنَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَيَجۡعَلُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ} (100)

{ وما كان } أي و{[38636]} ما ينبغي ولا يتأتى { لنفس } أي واحدة فما فوقها { أن تؤمن } أي يقع منها إيمان في وقت ما { إلاّ بإذن الله } أي بإرادة الملك الأعلى الذي له الخلق والأمر وتمكينه ، فيجعل الثبات والطمأنينة - اللازمين للإيمان الذي هو أبعد شيء عن السحر - على الذين ينتفعون بعقولهم فيلزمون معالي الأخلاق التي هي ثمرات للإيمان{[38637]} { ويجعل الرجس } أي الاضطراب والتزلزل الذي يلزمه التكذيب الذي هو أشبه شيء بالسحر لأنه تخييل ما{[38638]} لا حقيقة له والقذر والقباحة والغضب والعقاب الناشىء عنه .

ولما كان ما في هذه السورة من الدلائل قد وصل في البيان إلى حد{[38639]} لا يحتاج فيه إلى غير مجرد العقل قال : { على الذين لا يعقلون } أي لا يوجد لهم عقل ، فهم لذلك لا ينتفعون بالآيات وهم يدعون أنهم أعقل الناس فيتساقطون في مساوىء{[38640]} الأخلاق وهم يدعون أنهم أبعد الناس عنها ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ؛ والنفس : خاصة الشيء التي{[38641]} لو بطل ما سواها لم يبطل ذلك الشيء ، ونفسه وذاته واحد .


[38636]:زيد من ظ.
[38637]:في ظ: الإيمان.
[38638]:زيد من ظ.
[38639]:سقط من ظ.
[38640]:من ظ، وفي الأصل: تساوي.
[38641]:في ظ: الذي.