قوله تعالى { ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون } .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا } ، { وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله } سورة يونس : 100 ، ونحو هذا في القرآن ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى ، فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من قد سبق له من الله السعادة في الذكر الأول ، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاء في الذكر الأول .
قال ابن كثير : يقول تعالى { ولو شاء ربك } يا محمد لأذن لأهل الأرض كلهم في الإيمان بما جئتهم به فآمنوا كلهم ولكن له حكمة فيما يفعله تعالى كقوله تعالى { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } وقال تعالى { أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا } ولهذا قال تعالى { أفأنت تكره الناس } أي تلزمهم وتلجئهم { حتى يكونوا مؤمنين } أي ليس ذلك عليك ولا إليك بل الله { يضل من يشاء ويهدي من يشاء } ، { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } { ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء } { لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين } .
قال الشيخ الشنقيطي : صرح تعالى في هذه الآية الكريمة : أنه لو شاء إيمان جميع أهل الأرض لآمنوا كلهم جميعا ، وهو دليل واضح على كفرهم واقع بمشيئته الكونية القدرية ، وبين ذلك في آيات كثيرة كقوله { ولو شاء الله ما أشركوا } الآية وقوله : { ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها } وقوله : { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى { أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين }
قال الشيخ الشنقيطي : بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن من لم يهده الله فلا هادي له ، ولا يمكن أحدا أن يقهر قلبه على الانشراح إلى الإيمان إلا إذا أراد الله به ذلك . وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله { ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا } ، وقوله { إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل } الآية ، وقوله : { إنك لا تهدي من أحببت } الآية ، وقوله : { ومن يضلل الله فلا هادي له } .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { ويجعل الرجس } ، قال : السخط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.