37- وقلنا له : اصنع الفلك لننجيك عليها بعنايتنا ، وتحت رعايتنا ، ولا تخاطبني في شأن هؤلاء الظالمين لأنني استجبت دعاءك ، وأمرت بإهلاكهم غرقاً{[94]} .
فأوحى الله تعالى إليه : { واصنع الفلك بأعيننا } . قال ابن عباس بمرأى منا . وقال مقاتل : بعلمنا . وقيل : بحفظنا . { ووحينا } ، بأمرنا . { ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون } ، بالطوفان ، قيل : معناه لا تخاطبني في إمهال الكفار ، فإني قد حكمت بإغراقهم . وقيل : لا تخاطبني في ابنك كنعان وامرأتك واعلة فإنهما هالكان مع القوم . وفى القصة أن جبريل أتى نوحا عليه السلام فقال : إن ربك عز وجل يأمرك أن تصنع الفلك ، قال : كيف أصنع ولست بنجار ؟ فقال : إن ربك يقول اصنع فإنك بعيني ، فأخذ القدوم وجعل يصنع ولا يخطئ . وقيل : أوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر .
وقوله : { واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا . . . } معطوف على قوله . . { فَلاَ تَبْتَئِسْ
والفلك : ما عظم من السفن ، ويستعمل هذا اللفظ للواحد والجمع ، والمراد به هنا سفينة واحدة عظيمة قام بصنعها نوح - عليه السلام - .
والباء فى قوله { بِأَعْيُنِنَا } للملابسة ، والجار والمجرور فى موضع الحال من ضمير اصنع .
أى : واصنع الفلك يا نوح ، حالة كونك بمرأى منا ، وتحت رعايتنا وتوجيهنا وإرشادنا عن طريق وحينا .
وقوله - سبحانه - { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الذين ظلموا إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } نهى له عن المراجعة بشأنهم .
أى : ولا تخاطبنى يا نوح فى شأن هؤلاء الظالمين ، بأن ترجونى فى رحمتهم أو فى دفع العذاب عنهم ، فقد صدر قضائى بإغراقهم ولا راد لقضائى .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الّذِينَ ظَلَمُوَاْ إِنّهُمْ مّغْرَقُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وأُوحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ، وأنِ اصْنَعِ الفُلْكَ ، وهو السفينة كما :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : الفلك : السفينة .
وقوله بأعْيُنِنَا يقول : بعين الله ووحيه كما يأمرك . كما :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَاصْنَعِ الفُلْكَ بأعْيُنِنا وَوَحْيِنا وذلك أنه لم يَعلَم كيف صنعة الفلك ، فأوحي الله إليه أن يصنعها على مثل جُؤجؤ الطائر .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَوَحْيِنَا قال : كما نأمرك .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : بأعْيُنِنا وَوَحْيِنا : كما نأمرك .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخُراساني ، عن ابن عباس : وَاصْنَعِ الفُلْكَ بأعْيُنِنا وَوَحْيِنا قال : بعين الله ، قال ابن جريج ، قال مجاهد : وَوَحْيِنا قال : كما نأمرك .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثَور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : بأعْيُنِنا وَوَحْيِنا قال : بعين الله ووحيه .
وقوله : وَلاَ تُخَاطِبْنِي في الّذِينَ ظَلَمُوا إنّهُمْ مُغْرَقُونَ يقول تعالى ذكره : ولا تسألني في العفو عن هؤلاء الذي ظلموا أنفسهم من قومك ، فأكسبوها تعدّيا منهم عليها بكفرهم بالله الهلاك بالغرق ، إنهم مغرقون بالطوفان . كما :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : وَلا تخاطِبْنِي قال : يقول : ولا تراجعني . قال : تقدّمأن لا يشفع لهم عنده .
{ واصنع الفلك بأعيُننا } ملتبسا بأعيننا ، عبر بكثرة آلة الحس الذي يحفظ به الشيء ويراعى عن الاختلال والزيغ عن المبالغة في الحفظ والرعاية على طريق التمثيل . { ووحينا } إليك كيف تصنعها . { ولا تخاطبني في الذين ظلموا } ولا تراجعني فيهم ولا تدعني باستدفاع العذاب عنهم . { إنهم مُغرقون } محكوم عليهم بالإغراق فلا سبيل إلى كفه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.