بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

قوله تعالى : { واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } يقول : اعمل السفينة ، ويقال : للواحد وللجماعة الفلك ، { بِأَعْيُنِنَا } قال الكلبي : يعني : بمنظر منا ، { وَوَحْيِنَا } يعني : بوحينا إليك . وقال مقاتل : يعني : بتعليمنا وأمرنا . { وَلاَ تخاطبنى فِى الذين ظَلَمُواْ } يعني : فلا تراجعني في قومك ، ولا تدعني بصرف العذاب عنهم ، { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } بالطوفان . ويقال : { وَلاَ تخاطبنى فِى الذين ظَلَمُواْ } ، يعني ابنه كنعان .

وقال عكرمة : كان طول سفينة نوح ثلاثمائة ذراع ، وعرضها وإرتفاعها أحدهما ثلاثون ، والآخر أربعون . وقال الحسن : طولها ألف ومائتا ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع . وقال ابن عباس : طولها ثلاثمائة ذراع ، وطولها في الماء ثلاثون ذراعاً ، وعرضها خمسون ذراعاً .

وقال القتبي : قرأت في التوراة : إن الله تعالى أوحى إليه أن اصنع الفلك ، وليكن طولها ثلاثمائة ذراع ، وعرضها خمسون ذراعاً ، وارتفاعها ثلاثون ذراعاً ، وليكن بابها في عرضها . وادخل أنت في الفلك ، وامرأتك ، وبنوك ، ونساء بنيك ، ومن كل زوجين من الحيوان ذكراناً وإناثاً ، فإني منزل المطر على الأرض ، أربعين يوماً وأربعين ليلة ، فأتلف كل شيء خلقته على الأرض .

فأرسل الله تعالى ماء الطوفان على الأرض ، في سنة ستمائة من عمر نوح ولبث في الماء مائة وخمسين يوماً ، وعاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة . وروي عن وهب بن منبه ، أنه قال : مكث نوح ينجر السفينة مائة سنة ، فلما فرغ من عملها أمره الله تعالى أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين ، فحمل فيها امرأته وبنيه ونساءهم ، فركب فيها لسبع عشرة ليلة خلت من صفر ، فمكث في الماء سبعة أشهر لم يقر لها قرار ، فأرسيت على الجودي خمسة أشهر ، فأرسل الغراب لينظر كم بقي من الماء ، فمكث على جيفة فغضب عليه نوح ولعنه ، ثم أرسل الحمامة فوقعت في الماء ، فبلغ الماء قدر حمرة رجليها ، فجاءت فأرته فبارك عليها نوح .