فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

ثم إن الله سبحانه لما أخبره أنهم لا يؤمنون ألبتة عرفه وجه إهلاكهم ، وألهمه الأمر الذي يكون به خلاصه ، وخلاص من آمن معه ، فقال : { واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } أي : اعمل السفينة متلبساً بأعيننا : أي بمرأى منا ، والمراد بحراستنا لك وحفظنا لك ، وعبر عن ذلك بالأعين لأنها آلهة الرؤية ، والرؤية هي : التي تكون بها الحراسة والحفظ في الغالب ، وجمع الأعين للتعظيم لا للتكثير . وقيل المعنى : { بِأَعْيُنِنَا } أي : بأعين ملائكتنا الذين جعلناهم عيوناً على حفظك . وقيل : { بِأَعْيُنِنَا } بعلمنا . وقيل : بأمرنا . ومعنى بوحينا : بما أوحينا إليك من كيفية صنعتها { وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُواْ } أي : لا تطلب إمهالهم ، فقد حان وقت الانتقام منهم ، وجملة { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } للتعليل : أي : لا تطلب منا إمهالهم ، فإنه محكوم منا عليهم بالغرق ، وقد مضى به القضاء فلا سبيل إلى دفعه ولا تأخيره . وقيل : المعنى : ولا تخاطبني في تعجيل عقابهم ، فإنهم مغرقون في الوقت المضروب لذلك ، لا يتأخر إغراقهم عنه . وقيل المراد بالذين ظلموا : امرأته وابنه .

/خ44