الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

وقوله : { بِأَعْيُنِنَا } [ هود : 37 ] .

يمكنُ أَنْ يريد بمرأًى منا ، فيكون عبارةً عن الإِدراك والرعاية والحفْظ ، ويكونُ جَمَعَ الأَعْيُنِ ، للعظمةِ لا للتكثير ، كما قال عزَّ مِنْ قائل : { فَنِعْمَ القادرون } [ المرسلات : 23 ] ، والعقيدةُ أنه تعالَى منزهُ عن الحواسِّ ، والتشبيهِ ، والتكييفِ ، لا ربَّ غيره ، ويحتملُ قوله : { بِأَعْيُنِنَا } أيُّ : بملائكتنا الذين جعلْناهم عيوناً على مواضع حِفْظِكَ وَمَعُونَتِك ، فيكون الجَمْعُ على هذا التأويلِ : للتكْثير .

وقوله : { وَوَحْيِنَا } معناه : وتعليمنا له صُورَةَ العَمَل بالوحْيِ ، ورُوِيَ في ذلك : ( أَنَّ نوحاً عليه السلام لَمَّا جَهِلَ كَيْفِيَّة صُنْعِ السَّفِينَةِ ، أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ ، أَن اصنعها على مثال جُؤْجُؤِ الطَّائِرِ ) إِلى غير ذلك ممَّا علِمَهُ نوحٌ من عملها . وقوله : { وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُوا } الآية ، قال ابْنُ جُرَيْج في هذه الآية : تقدَّم اللَّه إِلَى نوحٍ أَلاَّ يَشْفَعَ فيهم .