البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

واصنع عطف على فلا تبتئس ، بأعيننا بمرأى منا ، وكلاءة وحفظ فلا تزيغ صنعته عن الصواب فيها ، ولا يحول بين العمل وبينه أحد .

والجمع هنا كالمفرد في قوله : ولتصنع على عيني ، وجمعت هنا لتكثير الكلاءة والحفظ وديمومتها .

وقرأ طلحة بن مصرف : باعينا مدغمة .

ووحينا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع .

وعن ابن عباس : لم يعلم كيف صنعة الفلك ، فأوحى الله أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر .

قيل : ويحتمل قوله بأعيننا أي بملائكتنا الذين جعلناهم عيوناً على مواضع حفظك ومعونتك ، فيكون اللفظ هنا للجمع حقيقة .

وقول من قال : معنى ووحينا بأمرنا لك أو بعلمنا ضعيف ، لأن قوله : واصنع الفلك ، مغن عن ذلك .

وفي الحديث : « كان زان سفينة نوح جبريل » والزان القيم بعمل السفينة .

والذين ظلموا قوم نوح ، تقدم إلى نوح أن لا يشفع فيهم فيطلب إمهالهم ، وعلل منع مخاطبته بأنه حكم عليهم بالغرق ، ونهاه عن سؤال الإيجاب إليه كقوله : { يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود } وقيل الذين ظلموا واعلة زوجته وكنعان ابنه .