غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ} (37)

25

ثم عرفه وجه إهلاكهم وألهمه وجه خلاص من آمن فقال : { واصنع الفلك } وهو أمر إيجاب على الأظهر لأنه لا سبيل إلى صون روحه عن الهلاك في الطوفان إلا بذلك ، وصون النفس واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . وقيل : أمر إباحة كمن أمر أن يتخذ الإنسان لنفسه داراً يسكنها . والإنصاف أن الأمر ظاهره الوجوب وإن قطعنا النظر عن فائدته وغايته . وقوله : { بأعيننا ووحينا } في موضع الحال أي متلبساً بذلك . والسبب فيه أن إقدامه على صنعة السفينة مشروط بأمرين : أحدهما أن لا يمنعه أعداؤه عن ذلك العمل وأشار إليه بقوله : { بأعيننا } وليست العين بمعنى الجارحة لأنه منزه عن الجوارح والأعضاء فالمراد بها الحفظ والحياطة والكلاءة لأن العين آلة الحفظ والحراسة . والثاني أن يكون عالماً بكيفية تركيب الأخشاب ونحتها . عن ابن عباس : لم يعلم كيف صنعة الفلك فأوحى الله تعالى إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطائر . وقيل : المراد عين الملك الذي كان يعرّفه كيفية اتخاذ السفينة . ثم قال : { ولا تخاطبني في الذين ظلموا } أي في شأنهم . وقيل : علل عدم الخطاب بقوله : { إنهم مغرقون } أي إنهم محكوم عليهم بالإغراق وقد جف القلم عليهم بذلك فلا فائدة للشفاعة . وقيل : لا تخاطبني في تعجيل عقابهم فإنهم يغرقون في الوقت المعين لذلك فلا فائدة في الاستعجال فلكل أمة أجل . وقيل : المراد بالذين ظلموا امرأته واعلة وكنعان ابنه .

/خ49