المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)

60- وقال خالقكم ومالك أمركم : اسألوني أعطكم ، إن الذين يتعاظمون عن دعائي سيدخلون جهنم أذلاء صاغرين .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)

قوله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } أي : اعبدوني دون غيري أجبكم وأثبكم وأغفر لكم ، فلما عبر عن العبادة بالدعاء جعل الإنابة استجابةً .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور بن محمد بن سمعان ، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان عن منصور عن أبي ذر عن يسبع الكندي عن النعمان ابن بشير قال : { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : " إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ { ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي الزرقي ، حدثنا الحسن بن علي بن يوسف الشيرازي ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى القرشي ببغداد ، حدثنا محمد ابن عبيد بن العلاء ، حدثنا أحمد بن بديل ، حدثنا وكيع ، حدثنا أبو المليح قال : سمعت أبا صالح يذكر عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من لم يدع الله غضب الله عليه " وقيل : الدعاء هو الذكر والسؤال { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } قرأ ابن كثير و أبو جعفر و أبو بكر : سيدخلون بضم الياء وفتح الخاء ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم الخاء ، ومعنى داخرين صاغرين ذليلين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)

ثم أمر - سبحانه - عباده المؤمنين أن يكثروا من التضرع إليه بالدعاء فقال : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ . . . } .

أى : وقال ربكم - أيها المؤمنون - تضرعوا إلى بالدعاء ، وتقربوا إلى بالطاعات ، أستجب لكم ، ولا أخيب لكم رجاء .

ولا تنافى بين تفسير الدعاء هنا بالسؤال والتضرع إلى الله - تعالى - ، وبين تفسيره بالعبادة ، لأن الدعاء هو لون من العبادة ، بل هو مخها كما جاء فى الحديث الشريف .

والإِنسان الذى التزم فى دعائه الآداب والشروط المطلوبة ، كان دعاؤه جديرا بالإِجابة ، فقد حكى لنا القرآن الكريم فى آيات كثيرة ، أن الأنبياء والصالحين ، عندما دعوا الله - تعالى - أجاب لهم دعاءهم ، ومن ذلك قوله - تعالى - { وَنُوحاً إِذْ نادى مِن قَبْلُ فاستجبنا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الكرب العظيم }

ثم بين - سبحانه - سوء عاقبة الذين يتكبرون عن طاعة الله وعن دعائه فقال : { إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } أى : إن الذين يستكبرون عن طاعتى ، وعن التقرب إلى بما يرضينى ، سيدخلون يوم القيامة نار جهنم حالة كونهم أذلاء صاغرين .

فقوله : { دَاخِرِينَ } من الدخور بمعنى الانقياد والخضوع يقال : دخر فلان يدخر دخورا إذا ذل وهان .

هذا ، وقد ذكر الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث التى تتصل بموضوع الدعاء فارجع إليه إن شئت .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)

56

والتوجه إلى الله بالعبادة ، ودعاؤه والتضرع إليه ، مما يشفي الصدور من الكبر الذي تنتفخ به ، فيدعوها إلى الجدال في آيات الله بغير حجة ولا برهان . والله - سبحانه - يفتح لنا أبوابه لنتوجه إليه وندعوه ، ويعلن لنا ما كتبه على نفسه من الاستجابة لمن يدعوه ؛ وينذر الذين يستكبرون عن عبادته بما ينتظرهم من ذل وتنكيس في النار :

( وقال ربكم : ادعوني أستجب لكم . إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) . .

وللدعاء أدب لا بد أن يراعى . إنه إخلاص القلب لله . والثقة بالاستجابة مع عدم اقتراح صورة معينة لها ، أو تخصيص وقت أو ظرف ، فهذا الاقتراح ليس من أدب السؤال . والاعتقاد بأن التوجه للدعاء توفيق من الله ، والاستجابة فضل آخر . وقد كان عمر - رضي الله عنه - يقول : " أنا لا أحمل همّ الإجابة إنما أحمل همّ الدعاء . فإذا ألهمت الدعاء كانت الإجابة معه " وهي كلمة القلب العارف ، الذي يدرك أن الله حين يقدر الاستجابة يقدر معها الدعاء . فهما - حين يوفق الله - متوافقان متطابقان .

فأما الذين يستكبرون عن التوجه لله فجزاؤهم الحق أن يوجهوا أذلاء صاغرين لجهنم ! وهذه نهاية الكبر الذي تنتفخ به قلوب وصدور في هذه الأرض الصغيرة ، وفي هذه الحياة الرخيصة ، وتنسى ضخامة خلق الله . فضلاً على نسيانها عظمة الله . ونسيانها للآخرة وهي آتية لا ريب فيها . ونسيانها للموقف الذليل في الآخرة بعد النفخة والاستكبار .