{ وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ } قال أكثر المفسرين المعنى : وحدوني واعبدوني أتقبل عبادتكم ، وأغفر لكم . وقيل المراد بالدعاء : السؤال بجلب النفع ودفع الضر . قيل : الأوّل أولى ؛ لأن الدعاء في أكثر استعمالات الكتاب العزيز هو العبادة . قلت : بل الثاني أولى ؛ لأن معنى الدعاء حقيقة ، وشرعاً هو الطلب ، فإن استعمل في غير ذلك ، فهو مجاز ، على أن الدعاء في نفسه باعتبار معناه الحقيقي هو عبادة ، بل مخ العبادة كما ورد بذلك الحديث الصحيح ، فالله سبحانه قد أمر عباده بدعائه ، ووعدهم بالإجابة ، ووعده الحق ، وما يبدّل القول لديه ولا يخلف الميعاد .
ثم صرّح سبحانه بأن هذا الدعاء باعتبار معناه الحقيقي ، وهو الطلب هو من عبادته ، فقال : { إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخرين } أي ذليلين صاغرين ، وهذا وعيد شديد لمن استكبر عن دعاء الله ، وفيه لطف بعباده عظيم ، وإحسان إليهم جليل حيث توعد من ترك طلب الخير منه ، واستدفاع الشرّ به بهذا الوعيد البالغ ، وعاقبه بهذه العقوبة العظيمة ، فيا عباد الله وجهوا رغباتكم ، وعوّلوا في كل طلباتكم على من أمركم بتوجيهها إليه ، وأرشدكم إلى التعويل عليه ، وكفل لكم الإجابة به بإعطاء الطلبة ، فهو الكريم المطلق الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، ويغضب على من لم يطلب من فضله العظيم ، وملكه الواسع ما يحتاجه من أمور الدنيا والدين . قيل : وهذا الوعد بالإجابة مقيد بالمشيئة ، أي أستجب لكم إن شئت كقوله سبحانه : { فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء } [ الأنعام : 41 ] الله ، قرأ الجمهور { سيدخلون } بفتح الياء ، وضم الخاء مبنياً للفاعل ، وقرأ ابن كثير ، وابن محيصن ، وورش ، وأبو جعفر بضم الياء وفتح الخاء مبنياً للمفعول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.