{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } .
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } أي اعبدوني أثبكم . قال الزمخشري : والدعاء بمعنى العبادة ، كثير في القرآن . ويدل عليه قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } أي صاغرين أذلاء . قال الشهاب : إطلاق الدعاء على العبادة مجاز ، لتضمن العبادة له . لأنه عبادة خاصة أريد به المطلق . وجعل الإثابة لترتبها عليه استجابة ، مجازا أو مشاكلة . وإنما أوّل به لأن ما بعده يدل عليه . والمقام يناسبه / الأمر بالعبادة . وقد جوّز أن يراد بالدعاء والاستجابة ظاهرهما . ويراد بالعبادة الدعاء مجازا . لأنه باب من العبادة عظيم ، وفرد من أفرادها فخيم . قال الشهاب : ولو قيل لا حاجة إلى التجوّز ، لأن الإضافة المراد بها العهد هنا ، فيفيد ما ذكر من غير تجوّز - لكان أحسن . انتهى .
وعلى الوجه الثاني - وهو أن المراد بالدعاء السؤال - اقتصر كثير من المفسرين . قال المهايميّ { أستجب لكم } لأن الدعاء من العبد غاية في التذلل لربه ، وهو محبوب لربه . فإذا أتى العبد بمحبوب الرب عظمه بالاستجابة . وإذا لم يستجب له في الدنيا عوّضه في الآخرة . ولحبه التذلل أمر العباد بالعبادة ، فإن استكبروا كان لهم غاية الإذلال . اه . وقال القاشانيّ : الآية في دعاء الحال . لأن الدعاء باللسان مع عدم العلم بأن المدعوّ به خير له أم لا ، دعاء المحجوبين . وأما الدعاء الذي لا تتخلف عنه الاستجابة ، فهو دعاء الحال بأن يهيئ العبد استعداده لقبول ما يطلبه ، ولا تتخلف الاستجابة عن هذا الدعاء . كمن طلب المغفرة ، فتاب إلى الله ، وأناب بالزهد والطاعة . انتهى .
وتقدم في آية {[6403]} { أجيب دعوة الدّاع إذا دعان } فوائد تناسب هذا المقام ، فلتراجع . ثم أشار تعالى إلى أنه كيف لا يلزم العباد عبادته ، وقد أنعم عليهم بما يقتضي شكره بالعبادة ، مما أجلاه منافع الليل والنهار ، بقوله سبحانه : { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.