غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60)

51

ثم إنه كان من المعلوم أن الإنسان لا ينتفع في يوم القيامة إلا بالطاعة فلا جرم أشار إليها بقوله { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } أكثر المفسرين على أن الدعاء هاهنا بمعنى العبادة ، والاستجابة بمعنى الإنابة بقوله سبحانه { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } والدعاء بمعنى العبادة كثير في القرآن كقوله { إن يدعون من دونه إلا إناثاً } [ النساء : 117 ] روى النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدعاء العبادة " وقرأ هذه الآية . وجوّز آخرون أن يكون الدعاء والاستجابة على ظاهرهما ، ويراد بعبادتي دعائي لأن الدعاء باب من العبادة يصدّقه قول ابن عباس : أفضل العبادة الدعاء . وقد مرّ تحقيق الدعاء في سورة البقرة في قوله

{ أجيب دعوة الداع إذا دعان } [ الآية : 186 ] وقد فسره ابن عباس بمعنى آخر قال : وحدوني أغفر لكم . وفي الدعاء . قال جار الله : وهذا تفسير للدعاء بالعبادة ثم للعبادة بالتوحيد . ومعنى { داخرين } صاغرين . وقال أهل التحقيق : كل من دعا الله وفي قلبه مثقال ذرة من المال والجاه وغير ذلك فدعاؤه لساني لا قلبي ولهذا قد لا يستجاب لأنه اعتمد على غير الله . وفيه بشارة هي أن دعاء المؤمن وقت حلول أجله يكون مستجاباً البتة لانقطاع تعلقه وقتئذ عما سوى الله .

/خ85