المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَحَنَانٗا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةٗۖ وَكَانَ تَقِيّٗا} (13)

13- وطبَّعه الله على الحنان ، وسمو النفس ، ونشَّأه على التقوى .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَحَنَانٗا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةٗۖ وَكَانَ تَقِيّٗا} (13)

قوله تعالى : { وحناناً من لدنا } ، رحمة من عندنا ، قال الحطيئة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه شعرا :

تحنن عليّ هداك المليك*** فإن لكل مقام مقالاً

أي : ترحم . { وزكاة } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني بالزكاة الطاعة والإخلاص . وقال قتادة رضي الله عنه : هي العمل الصالح ، وهو قول الضحاك . ومعنى الآية : وآتيناه رحمة من عندنا وتحنناً على العباد ، ليدعوهم إلى طاعة ربهم ويعمل عملاً صالحاً في الإخلاص . وقال الكلبي : يعني صدقة تصدق الله بها على أبويه . { وكان تقياً } ، مسلماً ومخلصاً مطيعاً ، وكان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة ولا هم بها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَحَنَانٗا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةٗۖ وَكَانَ تَقِيّٗا} (13)

وقوله - تعالى - : { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً } معطوف على { الحكم } .

أى : وأعطيناه الحكم صبياً ، وأعطيناه حنانا . . .

قال القرطبى ما ملخصه : " الحنان ، الشفقة والرحمة والمحبة ، وهو فعل من أفعال النفس . . .

وأصله : من حنان الناقة على ولدها . . . قال طرفة :

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا . . . حنانيك بعض الشر أهون من بعض

والمعنى : منحنا { يايحيى } الحكم صبيا ، ومنحناه من عندنا وحدنا رحمة عظيمة عليه ، ورحمة فى قلبه جعلته يعطف على غيره ، وأعطيناه كذلك زكاة أى : طهارة فى النفس ، أبعدته عن ارتكاب ما نهى الله عنه ، وجعلته سباقاً لفعل الخير { وَكَانَ تَقِيّاً } أى مطيعاً لنا فى كل ما نأمره به ، أو ننهاه عنه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَحَنَانٗا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةٗۖ وَكَانَ تَقِيّٗا} (13)

وقوله : وَحَنانا مِنْ لَدُنّا يقول تعالى ذكره : ورحمة منا ومحبة له آتيناه الحكم صبيا .

وقد اختلف أهل التأويل في معنى الحنان ، فقال بعضهم : معناه : الرحمة ، ووجهوا الكلام إلى نحو المعنى الذي وجهناه إليه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَحَنانا مِنْ لَدُنّا يقول : ورحمة من عندنا .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة ، في هذه الاَية وَحَنانا مِنْ لَدُنّا قال : رحمة .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَحَنانا مِنْ لَدُنّا قال : رحمة من عندنا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، قوله : وَحَنانا مِنْ لَدُنّا قال : رحمة من عندنا لا يملك عطاءها أحد غيرنا .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله وَحَنانا مِنْ لَدُنّا يقول : رحمة من عندنا ، لا يقدر على أن يعطيها أحد غيرنا .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ورحمة من عندنا لزكريا ، آتيناه الحكم صبيا ، وفعلنا به الذي فعلنا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَحَنانا مِنْ لَدُنّا يقول : رحمة من عندنا .

وقال آخرون : معنى ذلك : وتعطفا من عندنا عليه ، فعلنا ذلك . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَحَنانا مِنْ لَدُنّا قال : تعطفا من ربه عليه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : بل معنى الحنان : المحبة . ووجهوا معنى الكلام إلى : ومحبة من عندنا فعلنا ذلك . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن يحيى بن سعيد ، عن عكرمة وَحَنانا مِنْ لَدُنّا قال : محبة عليه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَحَنانا قال : أما الحَنان فالمحبة .

وقال آخرون معناه تعظيما منا له . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو تميلة ، عن أبي حمزة ، عن جابر ، عن عطاء بن أبي رباح وَحَنانا مِنْ لَدُنّا قال : تعظيما من لدنا . وقد ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : لا أدري ما الحنان .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : والله ما أدري ما حنانا .

وللعرب في حَنَانَك لغتان : حَنَانَك يا ربنا ، وحَنانَيك كما قال طَرَفة بن العبد في حنانيك :

أبا مُنْذِرٍ أفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا *** حَنانَيْكَ بعضُ الشّرّ أهْوَنُ مِن بعض

وقال امرؤ القيس في اللغة الأخرى :

ويَمْنَحُها بَنُو شَمَجَي بْنِ جَرْمٍ *** مَعِيزَهُمُ حَنانَكَ ذَا الحَنانِ

وقد اختلف أهل العربية في «حنانيك » فقال بعضهم : هو تثنية «حنان » . وقال آخرون : بل هي لغة ليست بتثنية قالوا : وذلك كقولهم : حَوَاليك وكما قال الشاعر :

*** ضَرْبا هَذَا ذَيْكَ وطَعْنا وَخْضا ***

وقد سوّي بين جميع ذلك الذين قالوا حنانيك تثنية ، في أن كل ذلك تثنية . وأصل ذلك أعني الحنان ، من قول القائل : حنّ فلان إلى كذا ، وذلك إذا ارتاح إليه واشتاق ، ثم يقال : تحّننَ فلان على فلان ، إذا وصف بالتعطّف عليه والرقة به ، والرحمة له ، كما قال الشاعر :

تَحَنّنْ عَليّ هَدَاكَ المَلِيكُ *** فإنّ لِكُلّ مَقامٍ مَقالا

بمعنى : تعطّف عليّ . فالحنان : مصدر من قول القائل : حنّ فلان على فلان ، يقال منه : حننت عليه ، فأنا أحنّ عليه حنينا وحنانا ، ومن ذلك قيل لزوجة الرجل : حَنّته ، لتحننه عليها وتعطفه ، كما قال الراجز :

وَلَيْلَةٍ ذَاتِ دُجىً سَرَيْتُ *** ولَم تَضِرْنِي حَنّةٌ وَبَيْتُ

وقوله : وَزَكَاةً يقول تعالى ذكره : وآتينا يحيى الحكم صبيا ، وزكاة : وهو الطهارة من الذنوب ، واستعمال بدنه في طاعة ربه ، فالزكاة عطف على الحكم من قوله : وآتَيْناهُ الحُكْمَ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وزَكاةً قال : الزكاة : العمل الصالح .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : وزَكاةً قال : العمل الصالح الزكيّ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول : في قوله وزَكاةً يعني العمل الصالح الزاكيّ .

وقوله : وكانَ تَقِيّا يقول تعالى ذكره : وكان لله خائفا مؤدّيا فرائضه ، مجتنبا محارمه مسارعا في طاعته . كما :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وَزَكاةً وكانَ تَقِيّا قال : طهر فلم يعمل بذنب .

حدثني يونس ، قال : خبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَزَكاةً وكانَ تَقِيّا قال : أما الزكاة والتقوى فقد عرفهما الناس .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَحَنَانٗا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةٗۖ وَكَانَ تَقِيّٗا} (13)

الحَنان : الشفقة . ومن صفات الله تعالى الحنان . ومن كلام العرب : حنانيك ، أي حناناً منك بعد حنان . وجُعل حنان يحيى من لَدن الله إشارة إلى أنه متجاوز المعتاد بين الناس .

والزكاة : زكاة النفس ونقاؤها من الخبائث ، كما في قوله تعالى : { فقل هل لك إلى أن تزكى } [ النازعات : 18 ] أو أُريد بها البركة .

وتقي : فعيل بمعنى مُفعل ، من اتّقى إذا اتّصف بالتقوى ، وهي تجنب ما يخالف الدّين . وجيء في وصفه بالتقوى بفعل { كَانَ تَقِيّاً } للدلالة على تمكنه من الوصف .