158- لقد قامت الحُجة على وجوب الإيمان ، ولم يؤمن هؤلاء ، فماذا ينتظرون لكي يؤمنوا ؟ هل ينتظرون أن تأتيهم الملائكة رسلاً بدل البشرَ ، أو شاهدين على صدقك ؟ أو أن يأتيهم ربك ليروه ، أو يشهد بصدقك ؟ أو أن تأتيهم بعض علامات ربك لتشهد على صدقك ؟ ! وعندما تأتى علامات ربك مما يلجئهم إلى الإيمان لا ينفعهم إيمانهم ، لأنه إيمان اضطرار ، ولا ينفع العاصي أن يتوب ويطيع الآن ، فقد انتهت مرحلة التكليف ، قل لهؤلاء المعرضين المكذبين : انتظروا أحد هذه الأمور الثلاثة ، واستمروا على تكذيبكم ، إنا منتظرون حكم الله فيكم .
قوله تعالى : { هل ينظرون } ، أي : هل ينتظرون بعد تكذيبهم الرسل وإنكارهم القرآن . قوله تعالى : { إلا أن تأتيهم الملائكة } ، لقبض أرواحهم ، وقيل : بالعذاب ، قرأ حمزة والكسائي ، يأتيهم ، بالياء هاهنا وفي النحل ، والباقون بالتاء .
قوله تعالى : { أو يأتي ربك } ، بلا كيف ، لفصل القضاء بين خلقه في موقف القيامة .
قوله تعالى : { أو يأتي بعض آيات ربك } ، يعني طلوع الشمس من مغربها ، عليه أكثر المفسرين ، ورواه أبو سعيد الخدري مرفوعا .
قوله تعالى : { يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل } . أي : لا ينفعهم الإيمان عند ظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان .
قوله تعالى : { أو كسبت في إيمانها خيراً } ، يريد : لا يقبل إيمان كافر ولا توبة فاسق . قوله تعالى : { قل انتظروا } ، يا أهل مكة .
قوله تعالى : { إنا منتظرون } ، بكم العذاب .
أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، ثنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، ثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، ثنا أحمد بن يوسف السلمي ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام بن منبه ، ثنا أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ) .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أنا محمد بن حماد ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبيدة ، عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يدا الله يبسطان لمسيء الليل ليتوب بالنهار ، ولمسيء النهار ليتوب بالليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها ) .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، ثنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الزياتي ، أنا حميد بن زنجويه ، أنا النضر بن شميل ، أنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أبو منصور السمعاني ، أنا أبو جعفر الزياتي ، أنا حميد بن زنجويه ، أنا أحمد بن عبد الله ، أنا حماد بن زيد ، أنا عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش قال : أتيت صفوان بن عسال المرادي فذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل جعل بالمغرب باباً مسيرة عرضه سبعون عاماً للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله ) . وذلك قول الله تعالى : { يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل } .
وروى أبو حازم ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً : الدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ) .
ثم يمضى القرآن فى تهديدهم خطوة أخرى . رداً على ما كانوا يطلبون من الآيات الخارقة ، وتحذيراً من إعراضهم وتقاعسهم عن طريق الحق مع أن الزمن لا يتوقف ، والفرص لا تعود فيقول : { هَلْ يَنظُرُونَ . . . . }
أى : ما ينتظر مشركو مكة وغيرهم من المكذبين بعد إعراضهم عن آيات الله إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم من أجسادهم .
والجملة الكريمة مستأنفة لبيان أنهم لا يتأتى منهم الإيمان بإنزال ما ذكر من البينات والهدى .
قال البيضاوى : وهم ما كانوا منتظرين لذلك ، ولكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بالمنتظرين .
وقوله : { أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ } أى : إتياناً يناسب ذاته الكريمة بدون كيف أو تشبيه للقضاء بين الخلق يوم القيامة ، وقيل المراد بإتيان الرب ، إتيان ما وعد به من النصر للمؤمنين والعذاب للكافرين .
وقوله : { أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ } أى : بعض علامات قيام الساعة ، وذلك قبل يوم القيامة ، وفسر فى الحديث بطلوع الشمس من مغربها .
فقد روى البخارى عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها . فإذا رآها الناس آمن من عليها . فذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل " .
وفى رواية لمسلم والترمذى عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيراً : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض " .
ثم بين - سبحانه - أنه عند مجىء علامات الساعة لا ينفع الإيمان فقال :
{ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْراً } .
أى : عند مجىء بعض أشراط الساعة ، يذهب التكليف ، فلا ينفع الإيمان حينئذ نفساً كافرة لم تكن آمنت قبل ظهورها ، ولا ينفع العمل الصالح نفساً مؤمنة تعمله عند ظهور هذه الأشراط ، لأن العمل أو الإيمان عند ظهور هذه العلامات لا قيمة له لبطلان التطليف فى هذا الوقت .
قال الطبرى : معنى الآية لا ينفع كافراً لم يكن آمن قبل الطلوع - أى طلوع الشمس من مغربها - إيمان بعد الطلوع . ولا ينفع مؤمناً لم يكن عمل صالحاً قبل الطلوع ، بعد الطلوع . لأن حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذ . حكم من آمن أو عمل عند الغرغرة ، وذلك لا يفيد شيئاً . كما قال - تعالى - { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } وكما ثبت فى الحديث الصحيح : " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " .
وقال ابن كثير : إذا أنشأ الكافر إيماناً يومئذ لم يقبل منه ، فأما من كان مؤمناً قبل ذلك فإن كان مصلحاً فى عمله فهو بخير عظيم ، وإن لم يكن مصلحاً فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته ، كما دلت عليه الأحاديث ، وعليه يحمل قوله - تعالى - : { أَوْ كَسَبَتْ في إِيمَانِهَا خَيْراً } أى : لا يقبل منها كسب عمل صالح إذا لم يكن عاملا به قبل ذلك " .
وقوله : { قُلِ انتظروا إِنَّا مُنتَظِرُونَ } تهديد لهم . أى : قل يا محمد لهؤلاء الكافرين : انتظروا ما تنتظرونه من إتيان أحد الأمور ألثلاثة لتروا أى شىء تنتظرون ، فإنا منتظرون معكم لنشاهد ما يحل بكم من سوء العاقبة .
القول في تأويل قوله تعالى : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِيَ إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُوَاْ إِنّا مُنتَظِرُونَ } .
يقول جلّ ثناؤه : هل ينتظر هؤلاء العادلون بربهم الأوثان والأصنام ، إلا أن تأتيهم الملائكة بالموت فتقبض أرواحهم ، أو أن يأتيهم ربك يا محمد بين خلقه في موقف القيامة أوْ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبّكَ يقول : أو أن يأتيهم بعض آيات ربك وذلك فيما قال أهل التأويل : طلوع الشمس من مغربها . ذكر من قال من أهل التأويل ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إلاّ أنْ تَاتِيْهُمُ المَلائِكَةُ يقول : عند الموت حين توفاهم ، أو يأتي ربك ذلك يوم القيامة . أوْ يَأْتَي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : إلاّ أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ بالموت ، أوْ يَأْتَي رَبّكَ يوم القيامة ، أوْ يأْتَي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ قال : آية موجبة طلوع الشمس من مغربها ، أو ما شاء الله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : هَلْ يَنْظُرونَ إلاّ أنْ تَأتِيَهُمُ المَلائِكَةُ يقول : بالموت ، أوْ يَأْتيَ رَبّكَ وذلك يوم القيامة ، أوْ يَأْتَي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : هَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ عند الموت ، أوْ يَأْتَي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ يقول : طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا ابن وكيع وابن حميد ، قالا : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله في قوله : هَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أوْ يَأْتَي رَبّكَ أوْ يَأْتَي بعْضُ آياتِ رَبّكَ قال : يصبحون والشمس والقمر من هنا من قبل المغرب كالبعيرين القرينين . زاد ابن حميد في حديثه : فذلك حين لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمَانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانها خَيْرا وقال : كالبعيرين المقترنين .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : هَلْ يَنْظُرُونَ إلاّ أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ تقبض الأنفس بالموت ، أوْ يَأْتَي رَبّكَ يوم القيامة ، أوْ يَأْتَي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ .
القول في تأويل قوله تعالى : يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرا .
يقول تعالى ذكره : يوم يأتي بعض آيات ربك ، لا ينفع من كان قبل ذلك مشركا بالله أن يؤمن بعد مجيء تلك الاَية . وقيل : إن تلك الاَية التي أخبر الله جلّ ثناؤه أن الكافر لا ينفعه إيمانه عند مجيئها : طلوع الشمس من مغربها .
ذكر من قال ذلك وما ذُكِر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
حدثني عيسى بن عثمان الرملي ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها قال : «طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبها » .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، مثله .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، وجرير عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تَقُومُ السّاعَةُ حتى تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبها » قال : «فإذَا رآها النّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْها ، فَتِلْكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُن آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أوْ كَسَبَتِ فِي إيمانِها خَيْرا » .
حدثنا عبد الحميد بن بيان اليَشْكريّ وإسحاق بن شاهين ، قالا : أخبرنا خالد بن عبد الله الطحان ، عن يونس ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذرّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما : «أتَدْرُونَ أيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشّمْسُ ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : «إنّها تَذْهَبُ إلى مُسْتَقَرّها تَحْتَ العَرْشِ ، فَتَخِرّ ساجِدَة ، فَلا تَزَالُ كَذلكَ حتى يُقالَ لَهَا ارْتَفِعي مِنْ حَيْثُ شِئْتِ ، فَتُصْبِحُ طالِعَةً مِنْ مَطْلَعِها . ثُمّ تَجْرِى إلى أنْ تَنْتَهِيَ إلى مُسْتَقَرَ لَهَا تَحْتَ العَرْشِ ، فَتَخِرّ ساجِدَةً ، فَلا تَزَالُ كذلكَ حتى يقالَ لَهَا ارْتَفِعِي مِنْ حَيْثُ شِئْتِ فَتُصْبِحُ طالِعَةً مِنْ مَطْلعِها . ثُمَ تَجْرِى لا يُنْكِرُ النّاسُ مِنْها شَيْئا ، حتى تَنْتَهيَ فَتَخِرّ ساجِدَةً فِي مُسْتَقَرّ لَهَا تَحْتَ العَرْشِ ، فَيُصْبِحُ النّاسُ لا يُنْكِرُونَ مِنْها شَيْئا ، فَيُقال لَهَا : اطْلُعِي مِنْ مَغْرِبِكِ فَتُصْبِحُ طالِعَةً مِنْ مَغْرِبها » . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتَدْرُونَ أيّ يَوْمٍ ذلكَ ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «ذَاكَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا » .
حدثنا مؤمل بن هشام ويعقوب بن إبراهيم ، قالا : حدثنا ابن علية ، عن يونس ، عن إبراهيم بن يزيد التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذرّ ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، نحوه .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن صفوان بن عسال ، قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ مِنْ قِبَلِ مَغْرِبِ الشّمْسِ بابا مَفْتُوحا للتّوْبَةِ حتى تطلع الشمس من نحوه ، فإذا طلعت الشمس من نحوه لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا » .
حدثنا المفضل بن إسحاق ، قال : حدثنا أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد اليامي ، عن أبيه ، عن زبيد ، عن زرّ بن حبيش ، عن صفوان عسال المرادي ، قال : ذكرت التوبة ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «للتّوْبَةِ بابٌ بالمَغْرِبِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ عاما أوْ أرْبَعِينَ عاما ، فَلايَزَالُ كذلكَ حتى يَأْتَى بَعْضُ آياتِ رَبّكَ » .
حدثني محمد بن عمارة ، قال : حدثنا سهل بن عامر ، قال : حدثنا مالك ، عن عاصم بن أبي النّجود ، عن زرّ بن حبيش ، عن صفوان بن عسال ، أنه قال : «إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة مسيرة سبعين عاما ، فإذا طلعت الشمس من مغربها ، لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت في إيمانها خيرا » .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لا تَقُومُ السّاعَةُ حتى تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبها ، فإذَا طَلَعَتْ ورآها النّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْها ، فَذلك حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ » .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تَقُوم السّاعَةُ حتى تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبها ، فَيَوْمَئِذٍ يُؤْمِن النّاسُ كُلّهُمْ أجْمَعُونَ ، وَذلكَ حِينَ لا يَنْفَعَ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا » .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن أبي عون ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : التوبة مقبولة ما لم تطلع الشمس من مغربها .
حدثنا أحمد بن الحسن الترمذيّ ، قال : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا ابن عياش ، قال : حدثنا ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن مالك بن يخامر ، عن معاوية بن أبي سفيان وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «لا تَزَلُ التّوْبَةُ مَقْبُولَةً حتى تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبها ، فإذَا طَلَعَتْ طُبِعَ على كُلّ قَلْبٍ بِما فِيهِ ، وكُفِىَ النّاسُ العَمَلَ » .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو أسامة وجعفر بن عون ، بنحوه .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي حيان التيمي ، عن أبي زرعة ، قال : جلس ثلاثة من المسلمين إلى مروان بن الحكم بالمدينة ، فسمعوه وهو يحدّث عن الاَيات ، أن أوّلها خروجا الدجّالُ . فانصرف القوم إلى عبد الله بن عمرو ، فحدثوه بذلك ، فقال : لم يقل مروان شيئا ، قد حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا لم أنسه ، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إنّ أوّلَ الاَياتِ خُرُوجا : طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبها ، أوْ خُروجُ الدّابّةِ على النّاسِ ضُحًى ، أيّتُهُما كانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِها فالأُخْرَى على أثَرِها قَرِيبا » . ثم قال عبد الله بن عمرو وكان يقرأ الكتب : أظنّ أوّلهما خروجا طلوع الشمس من مغربها وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش ، فسجدت واستأذنت في الرجوع ، فيؤذن لها في الرجوع ، حتى إذا بدا لله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل أتت تحت العرش ، فسجدت واستأذنت في الرجوع ، فلم يردّ عليها شيئا ، فتفعل ذلك ثلاث مرات لا يردّ عليها بشيء ، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب ، وعرفت أن لو أذن لها لم تدرك المشرق ، قالت : ما أبعد المشرق ربّ من لي بالناس ، حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع ، فقيل لها : اطلعي من مكانك فتطلع من مغربها . ثم قرأ : يَوْمَ يأْتى بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها . . . إلى آخر الاَية .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو ربيعة فهد ، قال : حدثنا حماد ، عن يحيى بن سعيد أبي حيان ، عن الشعبيّ ، أن ثلاثة نفر دخلوا على مروان بن الحكم ، فذكر نحوه ، عن عبد الله بن عمرو .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : سمعت عاصم بن أبي النجود يحدّث عن زرّ بن حبيش ، عن صفوان بن عسال ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن بالمَغْرِبِ بابا مَفْتُوحا للتّوْبَةِ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ عاما ، لا يُغْلَقُ حتى تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ » .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو خالد ، عن حجاج ، عن عاصم ، عن زرّ بن حبيش ، عن صفوان بن عسال ، قال : إذا طلعت الشمس من مغربها ، فيؤمئذٍ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو ربيعة فهد ، قال : حدثنا عاصم بن بهدلة ، عن زرّ بن حبيش ، قال : غدونا إلى صفوان بن عسال ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «إنّ بابَ التّوْبَةِ مَفْتُوحٌ مِنْ قِبَلِ المَغْرِبِ . عَرْضُهُ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عاما ، فَلا يَزَالُ مَفْتُوحا حتى تَطْلُعَ مِنْ قِبَلِهِ الشّمْسُ » . ثم قرأ : «هَل يَنْظُرُونَ إلاّ أنْ تأتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أوْ يَأْتَي رَبّكَ أوْ يأْتَي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ . . . إلى : خَيْرا .
حدثني الربيع بن سليمان ، قال : حدثنا شعيب بن الليث ، قال : حدثنا الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، أنه قال : قال أبو هريرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تَقُومُ السّاعَةُ حتى تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنَ المَغْرِبِ » ، قال : «فإذَا طَلَعَتِ الشّمْسُ مِنْ المَغْرِبِ آمَنَ النّاسُ كُلّهُمْ وذلكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا » .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تابَ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبها قُبِلَ مِنْهُ » .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا فهد ، قال : حدثنا حماد ، عن يونس بن عبيد ، عن إبراهيم بن يزيد التيمي ، عن أبي ذرّ ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : «إنّ الشّمْسَ إذَا غَرَبَتْ ، أتَتْ تَحْتَ العَرْش فَسَجَدَتْ ، فَيُقالُ لَهَا : اطلُعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبْتِ » ثم قرأ هذه الاَية : هَل يَنْظُرُونَ إلاّ أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ . . . إلى آخر الاَية .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذرّ ، قال : كنت ردف النبيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم على حمار ، فنظر إلى الشمس حين غربت ، فقال : «إنّها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ، تَنْطَلِقُ حتى تَخِرّ لِرَبّها ساجِدَةً تَحْتَ العَرْشِ حتى يَأْذَنَ لَهَا ، فإذَا أرَادَ أنْ يُطْلِعَها مِنْ مَغْرِبها حَبَسَها ، فَتَقُولُ : يا رَبّ إنّ مَسِيرِي بَعِيدٌ ، فَيَقُولُ لَهَا : اطُلِعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبْتِ فذلكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ » .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبدة ، عن موسى بن المسيب ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذرّ قال : نظر النبيّ صلى الله عليه وسلم يوما إلى الشمس فقال : «يُوشِكُ أنْ تَجِيءَ حتى تَقِفَ بينَ يَدَيِ اللّهِ ، فَيَقُولُ : ارجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَعِنْدَ ذلكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا » .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُن آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانها خَيْرا فهو أنه لا ينفع مشركا إيمانه عند الاَيات ، وينفع أهل الإيمان عند الاَيات إن كانوا اكتسبوا خيرا قبل ذلك . قال ابن عباس : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية من العشيات ، فقال لهم : «يا عِبَادَ الله ، تُوبُوا إلى الله فإنّكُمْ تُوشِكُونَ أنْ تَرَوُا الشّمْسَ مِنْ قَبِل المَغْرِبِ ، فإذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ حُبِسَتِ التّوْبَةُ وطُوِيَ العَمَلُ وخُتِمُ الإيمَانُ » . فقال الناس : هل لذلك من آية يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن آيَةَ تِلْكُمُ اللّيْلَةَ أنْ تَطُولَ كَقَدْرِ ثَلاثِ لَيالٍ ، فَيَسْتَيْقِظُ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ فَيُصَلّونَ لَهُ ، ثُمّ يَقْضُونَ صَلاَتَهُمْ واللّيْلُ مَكانَهُ لَمْ يَنْقَضِ ، ثمّ يأتُونَ مَضَاجِعَهُمْ فيَنامُونَ ، حتى إذا اسْتَيْقَظُوا وَاللّيْلُ مَكانَهُ ، فإذَا رأوْا ذلكَ خافُوا أنْ يَكُونَ ذلكَ بينَ يَدَيْ أمْرٍ عَظِيمٍ ، فإذَا أصْبَحُوا وَطال عَلَيْهِم طُلُوعُ الشّمْسِ . فَبَيْنا هُمْ يَنْتَظِرُونها إذْ طَلَعَتْ عَليْهِمْ مِنْ قِبَلِ المَغْرِبِ ، فإذَا فَعَلَتْ ذلكَ ، لَمْ يَنْفَعْ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ » .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة ، أنه سمعه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تَقُومُ السّاعَةُ حتى تَطْلَعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبها ، فإذَا طَلَعَتْ ورآها النّاسُ آمَنُوا كُلّهُمْ أجْمَعُونَ ، فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها » . . . الاَية .
وبه قال : حدثني حجاج ، قال : قال ابن جريج : أخبرني بن أبي عتيق ، أنه سمع عبيد بن عمير يتلو : يَوْمَ يَأْتى بَعْضُ آياته رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها قال : يقول : نتحدّث والله أعلم أنها الشمس تطلع من مغربها . قال ابن جريج : وأخبرني عمرو بن دينار ، أنه سمع عبيد بن عمير يقول ذلك . قال ابن جريج : وأخبرني عبد الله بن أبي مليكة ، أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول : إن الاَية التي لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها إذا طلعت الشمس من مغربها . قال ابن جريج : وقال مجاهد ذلك أيضا .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن ابن مسعود : يَوْمَ يَأتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : سمعت قتادة يحدث عن زرارة بن أوفى ، عن عبد الله بن مسعود في هذه الاَية : يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ وعبد الوهاب بن عوف ، عن ابن سيرين ، قال : ثني أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، قال : كان عبد الله بن مسعود يقول : ما ذكر من الاَيات فقد مضين غير أربع : طلوع الشمس من مغربها ، ودابة الأرض ، والدجال ، وخروج يأجوج ومأجوج . والاَية التي تختم بها الأعمال : طلوع الشمس من مغربها ، ألم تر أن الله قال : يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا ؟ قال : فهي طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله : يَوْم يأْتي بَعْضُ آياتِ ربّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها قال : طلوع الشمس من مغربها مع القمر ، كأنهما بعيران مقرونان .
قال شعبة : وحدثنا قتادة ، عن زرارة ، عن عبد الله بن مسعود : يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ قال : طلوع الشمس من مغربها مع القمر كالبعيرين المقترنين .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور والأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق عن عبد الله : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها قال : طلوع الشمس من مغربها مع القمر كالبعيرين القرينين .
وقال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل وأبيه ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن عبد الله ، قال : التوبة مبسوطة ما لم تطلع الشمس من مغربها .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن ابن أم عبد كان يقول : لا يزال باب التوبة مفتوحا حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا رأى الناس ذلك آمنوا ، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تَقُومُ السّاعَةُ حتى تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبها ، فإذَا طَلَعَتْ آمَنَ النّاسُ كُلّهُم ، فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا » .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عبيد بن عمير : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ قال : طلوع الشمس من مغربها .
وقال : حدثنا أبي ، عن الحسن بن عقبة أبي كيران ، عن الضحاك : يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانها قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا إسرائيل ، قال : أخبرني أشعث ابن أبي الشعثاء ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، في قوله : لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ قال : لا تزال التوبة مبسوطة ما لم تطلع الشمس من مغربها .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : يَوْمَ يأْتِي بَعْضُ آياتُ رَبّكَ قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني أبو صخر ، عن القرظي أنه كان يقول في هذه الاَية : يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ يقول : إذا جاءت الاَيات لم ينفع نفسا إيمانها ، يقول : طلوع الشمس من مغربها .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سفيان ، الثوريّ ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش ، عن صفوان بن عسال : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ قال : طلوع الشمس من مغربها .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن وهب بن جابر ، عن عبد الله بن عمرو : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ قال : طلوع الشمس من مغربها .
وقال آخرون : بل ذلك بعض الاَيات الثلاثة : الدابة ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، عن المسعودي ، عن القاسم ، قال : قال عبد الله : التوبة معروضة على ابن آدم إن قبلها ما لم تخرج إحدى ثلاث : ما لم تطلع الشمس من مغربها ، أو الدّابة ، أو فتح يأجوج ومأجوج .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُليَة ، قال : حدثنا المسعوديّ ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، قال : قال عبد الله : التوبة معروضة على ابن آدم إن قبلها ما لم تخرج إحدى ثلاث : الدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج يأجوج ومأجوج .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن عامر ، عن عائشة ، قالت : إذا خرج أوّل الاَيات طرحت الأقلام ، وحبست الحفظة ، وشهدت الأجساد على الأعمال .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثَلاثٌ إذَا خَرَجَتْ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا : طُلُوع الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبها ، وَالدّجّالُ ، وَدَابّةُ الأرْضِ » .
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا معاوية بن عبد الكريم ، قال : حدثنا الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بادِرُوا بالأعْمالِ سِتّا : طُلُوعَ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبها ، وَالدّجّالَ ، والدّخانَ ، وَدَابّةَ الأرْضِ ، وخُوَيّصَةَ أحَدِكُمْ ، وأمْرَ العامّةِ » .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر نحوه .
وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ، ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ذَلِكَ حِينَ تطلع الشمسُ من مغربها » .
وأما قوله : أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا فإنه يعني : أو عملت في تصديقها بالله خيرا من عمل صالح تصدق قيله ، وتحققه من قبل طلوع الشمس من مغربها ، لا ينفع كافرا لم يكن آمن بالله قبل طلوعها ، كذلك إيمانه بالله إن آمن وصدّق بالله ورسله ، لأنها حالة لا تمتنع نفس من الإقرار بالله العظيم الهول الوارد عليهم من أمر الله ، فحكم إيمانهم كحكم إيمانهم عند قيام الساعة وتلك حال لا يمتنع الخلق من الإقرار بوحدانية الله لمعاينتهم من أهوال ذلك اليوم ما ترتفع معه حاجتهم إلى الفكر والاستدلال والبحث والاعتبار ، ولا ينفع من كان بالله وبرسله مصدّقا ولفرائض الله مضيعا غير مكتسب بجوارحه لله طاعة إذا هي طلعت من مغربها أعماله إن عمل ، وكسبه إن اكتسب ، لتفريطه الذي سلف قبل طلوعها في ذلك . كما :
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ يَوْمَ يأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا يقول : كسبت في تصديقها خيرا عملاً صالحا ، فهؤلاء أهل القبلة . وإن كانت مصدّقة ولم تعمل قبل ذلك خيرا فعملت بعد أن رأت الاَية لم يقبل منها . وإن عملت قبل الاَية خيرا ثم عملت بعد الاَية خيرا ، قُبِل منها .
حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيات رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانها قال : من أدركه بعض الاَيات وهو على عمل صالح مع إيمانه قبل الله منه العمل بعد نزول الاَية كما قبل منه قبل ذلك .
القول في تأويل قوله تعالى : قُلِ انْتَظِرُوا إنّا مُنْتَظِرُونَ .
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام : انتظروا أن تأتيكم الملائكة بالموت ، فتقبض أرواحكم ، أو أن يأتي ربك لفصل القضاء بيننا وبينكم في موقف القيامة ، أو أن يأتيكم طلوع الشمس من مغربها ، فتُطوى صحائف الأعمال ، ولا ينفعكم إيمانكم حينئذٍ إن آمنتم ، حتى تعلموا حنيئذٍ المحقّ منا من المبطل ، والمسيء من المحسن ، والصادق من الكاذب ، وتتبينوا عند ذلك بمن يحيق عذاب الله وأليم نكاله ، ومَن الناجي منا ومنكم ومَن الهالك ، إنا منتظرو ذلك ، ليجزل الله لنا ثوابه على طاعتنا إياه ، وإخلاصنا العبادة له ، وإفرادناه بالربوبية دون ما سواه ، ويفصل بيننا وبينكم بالحقّ ، وهو خير الفاصلين .
الضمير في { ينظرون } هو للطائفة التي قيل لها قبلك فقد جاءكم بينة من ربكم ، وهم العادلون بربهم من العرب الذين مضت أكثر آيات السورة في جدالهم ، و { ينظرون } معناه ينتظرون ، و { الملائكة } هنا يراد بها ملائكة الموت الذين يصحبون عزرائيل المخصوص بقبض الأرواح ، قاله مجاهد وقتادة وابن جريج . ويحتمل أن يريد الملائكة الذين يتصرفون في قيام الساعة ، وقرأ حمزة والكسائي «إلا أن يأتيهم » بالياء ، وقرأ الباقون «تأتيهم » بالتاء من فوق ، وقوله { أو يأتي ربك } قال الطبري : لموقف الحساب يوم القيامة ، وأسند ذلك إلى قتادة وجماعة من المتأولين ، ويحكي الزجاج أن المراد بقوله { أو يأتي ربك } أي العذاب الذي يسلطه الله في الدنيا على من يشاء من عباده كالصيحات والرجفات والخسف ونحوه .
قال القاضي أبو محمد : وهذا الكلام على كل تأويل فإنما هو بحذف مضاف تقديره أمر ربك أو بطش ربك أو حساب ربك وإلا فالإتيان المفهوم من اللغة مستحيل في حق الله تعالى ، ألا ترى أن الله تعالى يقول { فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا }{[5163]} فهذا إتيان قد وقع وهو على المجاز وحذف المضاف ، وقوله : { أو يأتي بعض آيات ربك } أما ظاهر اللفظ لو وقفنا معه فيقتضي أنه توعدهم بالشهير الفظيع من أشراط الساعة دون أن يخص من ذلك شرطاً يريد بذلك الإبهام الذي يترك السامع مع أقوى تخيله ، لكن لما قال بعد ذلك { يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها } وبينت الآثار الصحاح في البخاري ومسلم أن الآية التي معها هذا الشرط هي طلوع الشمس من المغرب ، قوى أن الإشارة بقوله : { أو يأتي بعض آيات ربك } إنما هي إلى طلوع الشمس من مغربها ، وقال بهذا التأويل مجاهد وقتادة والسدي وغيرهم ، ويقوي أيضاً أن تكون الإشارة إلى غرغرة الإنسان عند الموت أو ما يكون في مثابتها لمن لم يغرغر{[5164]} .
ففي الحديث «أن توبة العبد تقبل مالم يغرغر » ، وهذا إجماع لأن من غرغر وعاين فهو في عداد الموتى ، وكون المرء في هذه الحالة من آيات الله تعالى ، وهذا على من يرى الملائكة المتصرفين في قيام الساعة .
قال القاضي أبو محمد : فمقصد هذه الآية تهديد الكافرين بأحوال لا يخلون منها كأنه قال : هل ينظرون مع إقامتهم على الكفر إلا الموت الذي لهم بعده أشد العذاب ، والأخذات المعهودة لله عز وجل ، أو الآيات التي ترفع التوبة وتعلم بقرب القيامة .
قال القاضي أبو محمد : ويصح أن يريد بقوله : { أو يأتي بعض آيات ربك } جميع ما يقطع بوقوعه من أشراط الساعة ثم خصص بعد ذلك بقوله : { يوم يأتي بعض آيات ربك } الآية التي ترفع التوبة معها ، وقد بينت الأحاديث أنها طلوع الشمس من مغربها{[5165]} ، وقرأ زهير الفرقبي{[5166]} «يومُ يأتي » بالرفع وهو على الابتداء والخبر في الجملة التي هي «لا ينفع » إلى آخر الآية ، والعائد من الجملة محذوف لطول الكلام وقرأ ابن سيرين وعبد الله بن عمرو وأبو العالية «لا تنفع » بتاء ، وأنث الإيمان بما أضيف إلى مؤنث .
أو لما نزل منزلة التوبة ، وقال جمهور أهل التأويل كما تقدم الآية التي لا تنفع التوبة من الشرك أو من المعاصي بعدها ، هي طلوع الشمس عن المغرب .
وروي عن ابن مسعود أنها إحدى ثلاث ، إما طلوع الشمس من مغربها ، وإما خروج الدابة ، وإما خروج يأجوج ومأجوج{[5167]} .
قال أبو محمد : وهذا فيه نظر لأن الأحاديث ترده وتخصص الشمس .
وروي في هذا الحديث أن الشمس تجري كل يوم حتى تسجد تحت العرش وتستأذن فيؤذن لها في طلوع المشرق ، وحتى إذا أراد الله عز وجل سد باب التوبة أمرها بالطلوع من مغربها{[5168]} ، قال ابن مسعود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فتطلع هي والقمر كالبعيرين القرينين{[5169]} ، ويقوي النظر أيضاً أن الغرغرة هي الآية التي ترفع معها التوبة ، وقوله { أو كسبت في إيمانها خيراً } يريد جميع أعمال البر فرضها ونفلها ، وهذا الفصل هو للعصاة المؤمنين كما قوله { لم تكن آمنت من قبل } هو للكفار ، والآية المشار إليها تقطع توبة الصنفين ، وقرأ أبو هريرة «أو كسبت في إيمانها صالحاً » وقوله تعالى : { قل انتظروا } الآية تتضمن الوعيد أي فسترون من يحق كلامه ويتضح ما أخبر به .
استئناف بياني نشأ في قوله : { فمن أظلم ممن كذب بآيات الله } [ الأنعام : 157 ] الآية ، وهو يحتمل الوعيد ويحتمل التهكّم ، كما سيأتي . فإن كان هذا وعيداً وتهديداً فهو ناشىء عن جملة : { سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا } [ الأنعام : 157 ] لإثارته سؤال سائل يقول : متى يكون جزاؤهم ، وإن كان تهكّما بهم على صدفهم عن الآيات التي جاءتهم ، وتطلّعهم إلى آيات أعظم منها في اعتقادهم ، فهو ناشىء عن جملة : { فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها } [ الأنعام : 157 ] لأنَّه يثير سؤال سائل يقول : ماذا كانوا يترقَّبون من الآيات فوق الآيات التي جاءتهم .
و { هل } للاستفهام الإنكاري ، وهي ترد له كما ترد له الهمزة على التّحقيق ، ولذلك جاء بعده الاستثناء .
و { ينظرون } مضارع نَظَر بمعنى انتظر ، وهو مشترك مع نظر بمعنى رأى في الماضي والمضارع والمصدر ، ويخالفه في التّعدية ، ففِعل نَظَر العين متعدّ بإلى ، وفعل الانتظار متعدّ بنفسه ، ويخالفه أيضاً في أنّ له اسم مصدر وهو النظِرة بكسر الظاء ولا يقال ذلك في النّظر بالعين . والضّمير عائد للّذين يصدفون عن الآيات .
ثمّ إنْ كان الانتظار واقعاً منهم على أنَّه انتظار آيات ، كما يقترحون ، فمعنى الحصر : أنَّهم ما ينتظرون بعد الآيات التي جاءتهم ولم يقتنعوا بها إلاّ الآيات التي اقترحوها وسألوها وشرطوا أن لا يؤمنوا حتّى يُجاءوا بها ، وهي ما حكاه الله عنهم بقوله : { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً } إلى قوله { أو تأتي بالله والملائكة قبيلا } [ الإسراء : 90 92 ] وقوله { وقالوا لولا أنزل عليه ملك } [ الأنعام : 8 ] فهم ينتظرون بعض ذلك بجِدّ من عامتَّهم ، فالانتظار حقيقة ، وبسخرية من قادتهم ومضلّليهم ، فالانتظار مجاز بالصّورة ، لأنَّهم أظهروا أنفسهم في مظهر المنتظرين ، كقوله تعالى : { يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا } [ التوبة : 64 ] الآية . والمراد ببعض آيات ربّك : ما يشمل ما حكي عنهم بقوله : { حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً إلى قوله حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه } [ الإسراء : 90 93 ] . وفي قوله : { وقالوا لولا أنزل عليه ملك } إلى قوله { فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون } [ الأنعام : 8 10 ] فالكلام تهكّم بهم وبعقائدهم .
وإن كان الانتظار غير واقع بجدّ ولا بسخرية فمعناه أنَّهم ما يترقَّبون شيئاً من الآيات يأتيهم أعظم ممَّا أتاهم ، فلا انتظار لهم ، ولكنّهم صمّموا على الكفر واستبطنوا العناد ، فإن فرض لهم انتظار فإنَّما هو انتظار ما سيَحل بهم من عذاب الآخرة أو عذاب الدّنيا أو ما هو برزخ بينهما ، فيكون الاستنثاء تأكيداً للشّيء بما يشبه ضدّه . والمراد : أنَّهم لا ينتظرون شيئاً ولكن سيجيئهم ما لا ينتظرونه ، وهو إتيان الملائكة ، إلى آخره ، فالكلام وعيد وتهديد .
والقصر على الاحتمالين إضافي ، أي بالنّسبة لما ينتظر من الآيات ، والاستفهام الخبري مستعمل في التهكّم بهم على الاحتمالين ، لأنَّهم لا ينتظرون آية ، فإنَّهم جازمون بتكذيب الرّسول صلى الله عليه وسلم ولكنّهم يسألون الآيات إفحاماً في ظنّهم .
ولا ينتظرون حساباً لأنَّهم مكذّبون بالبعث والحشر .
والإتيان بالنّسبة إلى الملائكة حقيقة ، والمراد بهم : ملائكة العذاب ، مثل الّذين نزلوا يوم بدر { إذ يوحي ربّك إلى الملائكة أنّي معكم فثبّتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرّعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كلّ بنان } [ الأنفال : 12 ] . وأمّا المسند إلى الرّب فهو مجاز ، والمراد به : إتيان عذابه العظيم ، فهو لعظم هوله جعل إتيانه مسنداً إلى الآمر به أمراً جازماً ليعرف مقدار عظمته ، بحسب عظيم قدرة فاعله وآمره ، فالإسناد مجازي من باب : بنى الأمير المدينة ، وهذا مجاز وارد مثله في القرآن ، كقوله تعالى : { فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا } [ الحشر : 2 ] وقوله : { ووجد الله عنده فوفّاه حسابه } [ النور : 39 ] . ويجوز أن يكون المراد بقوله : { أو يأتي ربك } إتيان أمره بحساب النّاس يوم القيامة ، كقوله : { وجاء ربك والملك صفا صفاً } [ الفجر : 22 ] ، أي لا ينتظرون إلاّ عذاب الدّنيا أو عذاب الآخرة .
وعلى الاحتمالات كلّها يجوز أن يكون وقوع ذلك يوم القيامة ، ويجوز أن يكون في الدّنيا .
وجملة : { يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها } مستأنفة استئنافاً بيانياً تذكيراً لهم بأنّ الانتظار والتريّث عن الإيمان وخِيمُ العاقبة ، لأنَّه مهدّد بما يمنع من التّدارك عند النّدامة ، فإمَّا أن يعقبه الموت والحساب ، وإمّا أن يعقبه مجيء آية من آيات الله ، وهي آية عذاب خارق للعادة يختصّ بهم فيعلموا أنَّه عقوبة على تكذيبهم وصَدْفهم ، وحين ينزّل ذلك العذاب لا تبقى فسحة لتدارك ما فات لأنّ الله إذا أنزل عذابه على المكذّبين لم ينفع عنده توبة ، كما قال تعالى : { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين } [ يونس : 98 ] وقال تعالى : { ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذاً منظرين } [ الحجر : 8 ] وقال { ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون } [ الأنعام : 8 ] .
ومن جملة آيات الله الآيات التي جعلها الله عامّة للنّاس ، وهي أشراط السّاعة : والتي منها طلوع الشّمس من مغربها حين تُؤذن بانقراض نظام العالم الدنيوي . روى البخاري ، ومسلم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا تقوم السّاعة حتّى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها النّاس آمنوا أجمعون وذلك حينَ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل » ثمّ قرأ هذه الآية .
والنّفع المنفي هو النّفع في الآخرة ، بالنّجاة من العذاب ، لأنّ نفع الدّنيا بكشف العذاب عند مجيء الآيات لا ينفع النّفوس المؤمنة ولا الكافرة ، لقوله تعالى : { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } [ الأنفال : 25 ] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم « ثمّ يحشرون على نياتهم » . والمراد بالنّفس : كلّ نفس ، لوقوعه في سياق النّفي .
وجملة : { لم تكن آمنت من قبل } صفة { نفساً } ، وهي صفة مخصّصة لعموم : { نفساً } ، أي : النّفس التي لم تكن آمنت من قبل إتيان بعض الآيات لا ينفعها إيمانها إذا آمنت عند نزول العذاب ، فعلم منه أنّ النّفس التي كانت آمنت من قبل نزول العذاب ينفعها إيمانها في الآخرة . وتقديم المفعول في قوله : { نفساً إيمانها } ليتمّ الإيجاز في عود الضّمير .
وقوله : { أو كسبت في إيمانها خيراً } عطف على { آمنت } ، أي أو لم تكن كسبت في إيمانها خيراً .
و { في } للظرفيّة ، وإنَّما يصلح للظرفية مدّة الإيمان ، لا الإيمان ، أي أو كسبت في مدّة إيمانها خيراً . والخير هو الأعمال الصّالحة والطّاعات .
و { أو } للتّقسيم في صفات النّفس فيستلزم تقسيم النّفوس التي خصّصتها الصّفتان إلى قسمين : نفوس كافرة لم تكن آمنت من قبل ، فلا ينفعها إيمانها يوم يأتي بعض آيات الله ، ونفوس آمنت ولم تكسب خيراً في مدّة إيمانها ، فهي نفوس مؤمنة ، فلا ينفعها ما تكسبه من خير يوم يأتي بعض آيات ربّك . وهذا القسم الثّاني ذو مراتب متفاوتة ، لأنّ التّقصير في اكتساب الخير متفاوت ، فمنه إضاعة لأعمال الخير كلّها ، ومنه إضاعة لبعضها ، ومنه تفريط في الإكثار منها . وظاهر الآية يقتضي أن المراد نفوس لم تكسب في إيمانها شيئاً من الخير أي اقتصرت على الإيمان وفرّطت في جميع أعمال الخير .
وقد علم من التّقسيم أنّ هذه النّفوس لا ينفعها اكتساب الخير من بعد مجيء الآيات ، ولا ما يقوم مقام اكتساب الخير عند الله ، وهو ما منّ به على هذه الأمّة من غفران السيّئات عند التّوبة ، فالعزم على الخير هو التّوبة ، أي العزم على اكتساب الخير ، فوقع في الكلام إيجازُ حذف اعتمَاداً على القرينة الواضحة . والتّقدير : لا ينفع نفساً غيرَ مؤمنة إيمانُها أو نفساً لم تكن كسبت خيراً في إيمانها من قبل كسبها ، يعني أو ما يقوم مقام كسب الخير ، مثل التّوبة فإنَّها بعض اكتساب الخير ، وليس المراد أنّه لا ينفع نفساً مؤمنة إيمانُها إذا لم تكن قد كسبت خيراً بحيث يضيع الإيمان إذا لم يقع اكتساب الخير ، لأنَّه لو أريد ذلك لما كانت فائدة للتّقسيم ، ولكفى أن يقال لا ينفع نفساً إيمانها لم تكسب خيراً ، ولأنّ الأدلّة القطعية ناهضة على أن الإيمان الواقع قبل مجيء الآيات لا يُدْحَض إذا فرّط صاحبه في شيء من الأعمال الصّالحة ، ولأنَّه لو كان كذلك وسلَّمناه لما اقتضى أكثر من أنّ الّذي لم يفعل شيئاً من الخير عدا أنَّه آمن لا ينفعه إيمانه ، وذلك إيجاد قسم لم يقل به أحد من علماء الإسلام .
وبذلك تعلم أنّ الآية لا تنهض حجّة للمعتزلة ولا الخوارج الذين أوجبوا خلود مرتكب الكبيرة غير التّائب في النّار ، والتّسويةَ بينه وبين الكافر ، وإن كان ظاهرُها قبل التأمّل يوهم أنَّها حجّة لهم ، ولأنّه لو كان الأمر كما قالوا لصار الدّخول في الإيمان مع ارتكاب كبيرة واحدة عبثاً لا يرضاه عاقل لنفسه ، لأنّه يدخل في كلفةِ كثيرٍ من الأعمال بدون جدوى عليه منها ، ولكان أهون الأحوال على مرتكب الكبيرة أن يخلع ربقة الإيمان إلى أن يتوب من الأمرين جميعاً . وسخافة هذا اللازم لأصحاب هذا المذهب سخافة لا يرضاها من له نظر ثاقب . 6 والاشتغال بتبيين ما يستفاد من نظم الآية من ضبط الحدّ الذي ينتهي عنده الانتفاع بتحصيل الإيمان وتحصيل أعمال الخير ، أجدى من الخوض في لوازم معانيها من اعتبار الأعمال جُزْءاً من الإيمان ، لا سيّما مع ما في أصل المعنى من الاحتمال المسقط للاستدلال .
فصفة : { لم تكن آمنت من قبل } تحذير للمشركين من التريُّث عن الإيمان خشية أن يبغتهم يومُ ظهور الآيات ، وهم المقصود من السّياق . وصفة { أو كسبت في إيمانها خيراً } إدماج في أثناء المقصود لتحذير المؤمنين من الإعراض عن الأعمال الصّالحة .
ثمّ إنّ أقوال المفسرين السّالفين ، في تصوير هذين القسمين ، تفرّقت تفرّقاً يؤذن باستصعاب استخلاص مقصود الآية من ألفاظها ، فلم تقارب الإفصاح بعبارة بيّنة ، ويجمع ذلك ثلاثة أقوال :
الأوّل : عن السدّي ، والضحاك : أنّ معنى { كسبت في إيمانها خيراً } : كسبت في تصديقها ، أي معه أو في مدّته ، عملاً صالحاً ، قَالا : وهؤلاء أهلُ القبلة ، فإن كانت مُصدّقة ولم تعمل قبل ذلك ، أي إتيان بعض آيات الله ، فعمِلت بعد أن رأت الآية لم يُقبل منها ، وإن عملتْ قبل الآية خيراً ثمّ عملت بعد الآية خيراً قُبل منها .
الثّاني : أنّ لفظ القرآن جرى على طريقة التّغليب ، لأنّ الأكثر ممّن ينتفع بإيمانه ساعتئذ هو من كسب في إيمانه خيراً .
الثّالث : أنّ الكلام إبهام في أحد الأمرين ، فالمعنى : لا ينفع يومئذ إيمان من لم يكن آمن قبل ذلك اليوم أو ضمّ إلى إيمانه فعل الخير ، أي لا ينفع إيمان من يؤمن من الكفار ولا طاعة من يطيع من المؤمنين . وأمّا من آمن قبل فإنَّه ينفعه إيمانه ، وكذلك من أطاع قبلُ نفعته طاعته .
وقد كان قوله : { يوم يأتي بعض آيات ربك } بعد قوله : { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك } ، مقتصراً على ما يأتي من آيات الله في اليوم المؤجّل له ، إعراضاً عن التعرّض لما يكون يوم تأتي الملائكة أو يأتي ربّك ، لأنّ إتيان الملائكة ، والمعطوف عليه غير محتمَل الوقوع وإنَّما جرى ذكره إبطالاً لقولهم : { أو تأتي باللَّه والملائكة قَبيلاً } [ الإسراء : 92 ] ونحوه من تهكّماتهم ، وإنَّما الذي يكون ممّا انتظروه هو أن يأتي بعض آيات الله ، فهو محلّ الموعظة والتّحذير ، وآيات القرآن في هذا كثيرة منها قوله تعالى : { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } [ غافر : 85 ] .
وآياتُ اللَّه منها ما يختصّ بالمشركين وهو ما هدّدهم الله به من نزول العذاب بهم في الدّنيا ، كما نزل بالأمم من قبلهم ، ومنها آيات عامّة للنّاس أجمعين ، وهو ما يُعرف بأشراط السّاعة ، أي الأشراط الكبرى .
وقد جاء تفسير هذه الآية في السنّة بطلوع الشّمس من مغربها . ففي « الصّحيحين » وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقوم السّاعة حتّى تطلع الشّمس من مغربها فإذا رآها النّاس آمَن مَنْ عليها فذلك حينَ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل " . ثمّ قرأ هذه الآية ، أي قوله تعالى : { يوم يأتي بعض آيات ربك } إلى قوله { خيراً } . وفي « صحيح مسلم » عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تاب قبل طلوع الشّمس من مغربها تاب الله عليه " . وفي « جامع التّرمذي » ، عن صفوان بن عسال المرادي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بابٌ مِن قِبل المغرب مفتوح مسيرة عَرضه أربعين سنة ( كذا ) مفتوح للتَّوبة لا يُغلق حتّى تطلُع الشّمس من مغربها " قال التّرمذي : حديث صحيح .
واعلم أنّ هذه الآية لا تعارض آية سورة النّساء ( 18 ) : { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار } لأنّ محمل تلك الآية على تعيين وقت فوات التّوبة بالنّسبة للأحوال الخاصّة بآحاد النّاس ، وذلك ما فُسّر في حديث ابن عمر : أنّ رسول الله قال : إنّ الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِرْ رواه التّرمذي ، وابن ماجه ، وأحمد . ( ومعنى يغرغر أن تبلغ روحه أي أنفاسه رأْس حلقه ) . ومحمل الآية التي نتكلّم فيها تعيين وقت فوات التّوبة بالنّسبة إلى النّاس كافة ، وهي حالة يأس النّاس كلّهم من البقاء .
وجاء الاستئناف بقوله : قل انتظروا إنا منتظرون } أمراً للرّسول صلى الله عليه وسلم بأن يهدّدهم ويتوعّدهم على الانتظار ، إن كان واقعاً منهم ، أو على التريُّثثِ والتّأخّر عن الدّخول في الإسلام الذي هو شبيه بالإنتظار إن كان الانتظار إدّعائياً ، بأن يأمرهم بالدّوام على حالهم التي عبّر عنها بالانتظار أمْرَ تهديد ، ويخبرهم بأنّ المسلمين ينتظرون نصر الله ونزول العقاب بأعدائهم ، أي : دوموا على انتظاركم فنحن منتظرون .
وفي مفهوم الصّفتين دلالة على أنّ النّفس التي آمنت قبل مجيء الحساب ، وكسبت في إيمانها خيراً ، ينفعها إيمانها وعملها . فاشتملت الآية بمنطوقها ومفهومها على وعيد ووعد مُجملين تبيّنهما دلائل الكتاب والسنّة .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول جلّ ثناؤه: هل ينتظر هؤلاء العادلون بربهم الأوثان والأصنام، إلا أن تأتيهم الملائكة بالموت فتقبض أرواحهم، أو أن يأتيهم ربك يا محمد بين خلقه في موقف القيامة "أوْ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبّكَ "يقول: أو أن يأتيهم بعض آيات ربك وذلك فيما قال أهل التأويل: طلوع الشمس من مغربها... أو ما شاء الله...
"يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرا" يقول تعالى ذكره: يوم يأتي بعض آيات ربك، لا ينفع من كان قبل ذلك مشركا بالله أن يؤمن بعد مجيء تلك الآية. وقيل: إن تلك الآية التي أخبر الله جلّ ثناؤه أن الكافر لا ينفعه إيمانه عند مجيئها: طلوع الشمس من مغربها...
حدثني عيسى بن عثمان الرملي، قال: حدثنا يحيى بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها قال: «طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبها»..ز
وقال آخرون: بل ذلك بعض الآيات الثلاثة: الدابة، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها... حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن فضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثٌ إذَا خَرَجَتْ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا: طُلُوع الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبها، وَالدّجّالُ، وَدَابّةُ الأرْضِ»...
وأولى الأقوال بالصواب في ذلك، ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ذَلِكَ حِينَ تطلع الشمسُ من مغربها».
وأما قوله: "أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا" فإنه يعني: أو عملت في تصديقها بالله خيرا من عمل صالح تصدق قيله، وتحققه من قبل طلوع الشمس من مغربها، لا ينفع كافرا لم يكن آمن بالله قبل طلوعها، كذلك إيمانه بالله إن آمن وصدّق بالله ورسله، لأنها حالة لا تمتنع نفس من الإقرار بالله العظيم الهول الوارد عليهم من أمر الله، فحكم إيمانهم كحكم إيمانهم عند قيام الساعة وتلك حال لا يمتنع الخلق من الإقرار بوحدانية الله لمعاينتهم من أهوال ذلك اليوم ما ترتفع معه حاجتهم إلى الفكر والاستدلال والبحث والاعتبار، ولا ينفع من كان بالله وبرسله مصدّقا ولفرائض الله مضيعا غير مكتسب بجوارحه لله طاعة إذا هي طلعت من مغربها أعماله إن عمل، وكسبه إن اكتسب، لتفريطه الذي سلف قبل طلوعها في ذلك... عن السديّ "يَوْمَ يأْتي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْرا" يقول: كسبت في تصديقها خيرا: عملاً صالحا، فهؤلاء أهل القبلة، وإن كانت مصدّقة ولم تعمل قبل ذلك خيرا فعملت بعد أن رأت الآية لم يقبل منها. وإن عملت قبل الآية خيرا ثم عملت بعد الآية خيرا، قُبِل منها...
"قُلِ انْتَظِرُوا إنّا مُنْتَظِرُونَ" يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام: انتظروا أن تأتيكم الملائكة بالموت، فتقبض أرواحكم، أو أن يأتي ربك لفصل القضاء بيننا وبينكم في موقف القيامة، أو أن يأتيكم طلوع الشمس من مغربها، فتُطوى صحائف الأعمال، ولا ينفعكم إيمانكم حينئذٍ إن آمنتم، حتى تعلموا حنيئذٍ المحقّ منا من المبطل، والمسيء من المحسن، والصادق من الكاذب، وتتبينوا عند ذلك بمن يحيق عذاب الله وأليم نكاله، ومَن الناجي منا ومنكم ومَن الهالك، إنا منتظرو ذلك، ليجزل الله لنا ثوابه على طاعتنا إياه، وإخلاصنا العبادة له، وإفرادناه بالربوبية دون ما سواه، ويفصل بيننا وبينكم بالحقّ، وهو خير الفاصلين.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
ومعنى الآية: الحث على المبادرة إلى الإيمان قبل الحال التي لا تقبل فيها التوبة، وهي ظهور الآيات التي تقدم ذكرها، وفي ذلك غاية التهديد...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
الضمير في {ينظرون} هو للطائفة التي قيل لها قبلك فقد جاءكم بينة من ربكم، وهم العادلون بربهم من العرب الذين مضت أكثر آيات السورة في جدالهم، و {ينظرون} معناه ينتظرون، و {الملائكة} هنا يراد بها ملائكة الموت... ويحتمل أن يريد الملائكة الذين يتصرفون في قيام الساعة... وقوله {أو يأتي ربك}...يحكي الزجاج أن المراد بقوله {أو يأتي ربك} أي العذاب الذي يسلطه الله في الدنيا على من يشاء من عباده كالصيحات والرجفات والخسف ونحوه...
وهذا الكلام على كل تأويل فإنما هو بحذف مضاف تقديره أمر ربك أو بطش ربك أو حساب ربك وإلا فالإتيان المفهوم من اللغة مستحيل في حق الله تعالى، ألا ترى أن الله تعالى يقول {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا} 1 فهذا إتيان قد وقع وهو على المجاز وحذف المضاف...
فمقصد هذه الآية تهديد الكافرين بأحوال لا يخلون منها كأنه قال: هل ينظرون مع إقامتهم على الكفر إلا الموت الذي لهم بعده أشد العذاب، والأخذات المعهودة لله عز وجل، أو الآيات التي ترفع التوبة وتعلم بقرب القيامة.
اعلم أنه تعالى لما بين أنه إنما أنزل الكتاب إزالة للعذر، وإزاحة للعلة، وبين أنهم لا يؤمنون البتة وشرح أحوالا توجب اليأس عن دخولهم في الإيمان فقال: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة} ونظير هذه الآية قوله في سورة البقرة: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} ومعنى ينظرون: ينتظرون، وهل استفهام معناه النفي، وتقدير الآية: إنهم لا يؤمنون بك إلا إذا جاءهم أحد هذه الأمور الثلاثة، وهي مجيء الملائكة، أو مجيء الرب، أو مجيء الآيات القاهرة من الرب...
ثم قال تعالى: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل} وأجمعوا على أن المراد بهذه الآيات علامات القيامة... وقوله: {لم تكن آمنت من قبل} صفة لقوله: {نفسا} وقوله: {أو كسبت في إيمانها خيرا} صفة ثانية معطوفة على الصفة الأولى، والمعنى: أن أشراط الساعة إذا ظهرت ذهب أوان التكليف عندها، فلم ينفع الإيمان نفسا ما آمنت قبل ذلك، وما كسبت في إيمانها خيرا قبل ذلك.
ثم قال تعالى: {قل انتظروا إنا منتظرون} وعيد وتهديد.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يقول تعالى متوعدًا للكافرين به، والمخالفين رسله والمكذبين بآياته، والصادين عن سبيله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} وذلك كائن يوم القيامة. {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ [يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ]} 8 الآية، وذلك قبل يوم القيامة كائن من أمارات الساعة وأشراطها...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
بين الله تعالى في السياق الأخير من هذه السورة أصول الدين في الآداب والفضائل، في أثر تفصيل السورة لجميع أصول العقائد وقفى على ذلك بالإعذار إلى كفار مكة ومن يتبعهم من العرب الذين كانوا يقسمون بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم المجاورة لهم من أهل الكتاب فلما جاءهم النذير استكبروا وزادوا نفورا عن الإيمان، وقرن هذا الإعذار بالإنذار الشديد والوعيد بسوء العذاب في الآية التي قبل هذه الآية وفي هذه أيضا، فإنه حصر فيها ما أمامهم وأمام غيرهم من الأمم بما يعرفهم بحقيقة ما ينتظرون في مستقبل أمرهم وأنه غير ما يتمنون من موت الرسول وانطفاء نور الإسلام بموته صلوات الله وسلامه عليه فقال: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} أي أنهم لا ينتظرون إلا أحد هذه الثلاثة بمعنى أنه ليس أمامهم غاية ينتهون إليها في نفس الأمر أو بحسب سنن الله في الخلق إلا أن تأتيهم وقرأ حمزة والكسائي يأتيهم الملائكة أي ملائكة الموت لقبض أرواحهم فرادى أو ملائكة العذاب لاستئصالهم (هذا الأخير خاص بالأمم التي يعاند الرسل سوادها الأعظم بعد أن يأتوها بالآيات المقترحة) أو يأتي ربك أيها الرسول. قيل إن إتيان الرب تعالى عبارة عن إتيان ما وعد به النبي صلى الله عليه وسلم من النصر وأوعد به أعداءه من عذابه إياهم في الدنيا كما قال في الذين ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا} (الحشر 2) الآية، وقيل إتيان أمره بالعذاب أو الجزاء مطلقا. فههنا مقدر دل عليه قوله في سورة النحل التي تشابه هذه السورة في أكثر مسائلها {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك؟ كذلك فعل الذين من قلبهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} (النحل 33) وقيل بل المراد إتيانه سبحانه وتعالى بذاته في الآخرة بغير كيف ولا شبه ولا نظير، وتعرفه إلى عباده ومعرفة أهل الإيمان الصحيح إياه. وروي عن ابن مسعود "هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة "قال عند الموت "أو يأتي ربك" قال يوم القيامة. وعن قتادة مثله، وعن مقاتل في قوله "أو يأتي ربك" قال يوم القيامة في ظلل من الغمام.
وقد بينا هذا الوجه في تفسير قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} (البقرة 209) ونقلنا فيه عن الأستاذ الإمام رحمه الله تعالى قولا نفيسا فليراجع (ج 2 تفسير) ولكن يضعف هذا الوجه هنا ذكره ثانيا، ولو كان هو المراد لجعل الأخير لأنه آخر ما ينتظر أو الأول لعظم شأنه.
وجوز بعض المفسرين أن يكون هذا الانتظار بحسب ما في أذهانهم لا بحسب الواقع فإنهم اقترحوا إنزال الملائكة عليهم ورؤية ربهم. وعلى هذا يكون إتيان بعض آيات الرب ما اقترحوه غير هذين، كنزول كتاب من السماء يقرؤونه وكتفجير ينبوع من الأرض بمكة، ويكون الاستفهام للتهكم لأن اقتراحهم كان للتعجيز. وأما على القول الذي جرينا عليه تبعا للجمهور من أن هذه الثلاث هي ما ينتظرونه كغيرهم في نفس الأمر فلا يصح أن يراد بهذا البعض شيء مما اقترحوه لأن إيتاء الآيات المقترحة على الرسل يقتضي في سنة الله هلاك الأمة بعذاب الاستئصال إذا لم تؤمن به كما قال تعالى: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده} (غافر 85) والله لا يهلك أمة نبي الرحمة. بل يصدق هذا بكل آية تدل على صدق الرسول أو بما يحصل لرائيها اليأس من الحياة أو الإيمان القهري الذي لا كسب له فيه ولا اختيار. ولذلك قال في بيان ذلك البعض بما يترتب عليه:
{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} أي يوم يأتي بعض آيات ربك الموجبة للإيمان الاضطراري لا ينفع نفسا لم تكن آمنت من قبل إتيانها إيمانها بعده في ذلك اليوم، ولا نفسا لم تكن كسبت في إيمانها خيرا وعملا صالحا ما عساها من خير فيه، لبطلان التكليف الذي يترتب عليه ثواب الإيمان والعمل الصالح، فإنه أي التكليف مبني على ما وهب الله المكلف من الإرادة والاختيار بالتمكن من الإيمان والكفر وعمل الخير والشر وإنما الثواب والعقاب مبني على هذا التكليف. والبعض من هذه الآيات قد يطلع عليه الأفراد عند الغرغرة قبيل خروج الروح وهي القيامة الصغرى، ولا تراها الأمم كلها إلا قبيل قيام القيامة الكبرى، فإن لها آيات كآيات الموت بعضها ظني وبعضها قطعي، يترتب عليه حصول الإيمان القهري وفي الآية من الإيجاز البليغ ما ترى، فإن الفصل بين كلمة "نفسا" الدالة على الشمول لكونها نكرة في سياق النفي وبين صفتها التي هي جملة "لم تكن آمنت" إلخ بالفاعل وهو "إيمانها" وعطف جملة "أو كسبت في إيمانها خيرا" عليها قد أغنى عن التصريح بما بسطنا به المعنى آنفا.
وقد روي في أحاديث منها الصحيح السند والضعيف الذي لا يحتج به وحده بأن هذه الآية التي أبهمت وأضيفت إلى الرب تعالى لتعظيم شأنها وتهويله هي طلوع الشمس من مغربها قبيل تلك القارعة الصاخبة التي ترج الأرض رجا، وتبث الجبال بثا، فتكون هباء منبثا، إذا الشمس كورت، وإذا الكواكب انتثرت وبطل هذا النظام الشمسي. وقد كان طلوع الشمس من مغربها بعيدا عن المألوف المعقول ولا سيما معقول من كانوا يقولون بما تقول فلاسفة اليونان في الأفلاك والعقول، وأما علماء الهيئة الفلكية في هذا العصر فلا يتعذر على عقولهم أن تتصور حادثا تتحول فيه حركة الأرض اليومية فيكون الشرق غربا والغرب شرقا، ولا ندري أيستلزم ذلك تغييرا آخر في النظام الشمسي أم لا. وقد ورد في المأثور ما يؤيد هذا التوجيه فقد أخرج البخاري في تاريخه وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن كعب قال: إذا أراد الله أن تطلع الشمس من مغربها أدارها بالقطب (أي المحور) فجعل مشرقها مغربها ومغربها مشرقها اه وهذا من أحسن العلم المعقول الذي روي عن كعب والله على كل شيء قدير...
قال تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام: {قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ} أي انتظروا أيها الكفار المعاندون ما تتوقعون إتيانه ووقوعه بنا واكتفاء أمر الإسلام به إنا منتظرون وعد ربنا لنا ووعده لكم، كقوله تعالى: {فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين} (يونس 102) أو انتظروا ما ليس أمامكم سواه في الواقع ونفس الأمر، وإن كنتم تجهلونه ولا تفكرون فيه وهو هذه الأمور الثلاثة إنا منتظروها على علم وإيمان، وهي مجيء الملائكة لقبض أرواح الأفراد أو إتيان الرب تعالى أي أمره بما وعدنا من النصر. وأوعدكم من الخزي والخسر. أو إتيانه تعالى لحساب الخلق، أو إتيان بعض آياته الدالة على تصديق رسوله قبيل قيام الساعة…وهذا الأمر يتضمن التهديد كقوله تعالى: {وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون} (هود 120- 121) والآية المفسرة بمعنى قوله تعالى: {قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنا منتظرون} (السجدة 29- 30).
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
وأن الله تعالى حكيم قد جرت عادته وسنته، أن الإيمان إنما ينفع إذا كان اختياريا لا اضطراريا، كما تقدم. وأن الإنسان يكتسب الخير بإيمانه. فالطاعة والبر والتقوى إنما تنفع وتنمو إذا كان مع العبد الإيمان. فإذا خلا القلب من الإيمان لم ينفعه شيء من ذلك...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويمضي في هذا التهديد خطوة أخرى، للرد على ما كانوا يطلبونه من الآيات والخوارق حتى يصدقوا بهذا الكتاب.. وقد مضى مثل ذلك التهديد في أوائل السورة عند ما كانت المناسبة هناك مناسبة التكذيب بحقيقة الاعتقاد. وهو يتكرر هنا، والمناسبة الحاضرة هي مناسبة الإعراض عن الاتباع والتقيد بشريعة الله: فقد جاء في أول السورة: (وقالوا: لولا أنزل عليه ملك! ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا يُنظرون).. وجاء هنا في آخرها: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك، أو يأتي بعض آيات ربك؟ يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: قل: انتظروا إنا منتظرون).. إنه التهديد الواضح الحاسم. فقد مضت سنة الله بأن يكون عذاب الاستئصال حتماً إذا جاءت الخارقة ثم لم يؤمن بها المكذبون.. والله سبحانه يقول لهم: إن ما طلبوه من الخوارق لو جاءهم بعضه لقضي عليهم بعده.. وإنه يوم تأتي بعض آيات الله تكون الخاتمة التي لا ينفع بعدها إيمان ولا عمل.. لنفس لم تؤمن من قبل، ولم تكسب عملاً صالحاً في إيمانها. فالعمل الصالح هو دائماً قرين الإيمان وترجمته في ميزان الإسلام. ولقد ورد في روايات متعددة أن المقصود بقوله تعالى: (يوم يأتي بعض آيات ربك) هو أشراط الساعة وعلاماتها، التي لا ينفع بعدها إيمان ولا عمل. وعدوا من ذلك أشراطاً بعينها.. ولكن تأويل الآية على وفق السنة الجارية في هذه الحياة أولى. فقد سبق مثله في أول السورة، وهو قوله تعالى: (وقالوا لولا أنزل عليه ملك، ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون).. والملاحظ أن السياق يكرر وهو بصدد الكلام عن الشريعة والحاكمية، ما جاء مثله من قبل وهو بصدد الكلام عن الإيمان والعقيدة، وأن هذا ملحوظ ومقصود، لتقرير حقيقة بعينها. فأولى أن نحمل هذا الذي في آخر السورة على ما جاء من مثله في أولها من تقرير سنة الله الجارية. وهو كاف في التأويل، بدون الالتجاء إلى الإحالة على ذلك الغيب المجهول...