المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

57- وقل لهم : إني لا أبتغي على دعوتكم إلي الإسلام أجراً وجزاء ، إلا أن يهتدي أحدكم ويسلك سبيل الحق ويرجع إلي ربه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

قوله تعالى : { قل ما أسألكم عليه }أي : على تبليغ الوحي { من أجر } فتقولوا إنما يطلب محمد أموالنا بما يدعونا إليه فلا نتبعه ، { إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً } هذا من الاستثناء المنقطع ، مجازه : لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً بالإنفاق من ماله في سبيله فعل ذلك ، والمعنى : لا أسألكم لنفسي أجراً ولكن لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة الله واتخاذ السبيل إلى جنته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

و { قُلْ } لهم على سبيل النصح والإرشاد ودفع التهمة عن نفسك { مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } أى : ما أسألكم على هذا التبليغ والتبشير والإنذار من أجر ، إن أجرى إلا على الله - تعالى - وحده .

وقوله - سبحانه - : { إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً } استثناء منقطع .

أى : لا أسألكم على تبليغى لرسالة ربى أجرا منكم ، لكن من شاء منكم أن يتخذ إلى مرضاة ربه سبيلا ، عن طريق الصدقة والإحسان إلى الغير ، فأنا لا أمنعه من ذلك .

قال الآلوسى ما ملخصه : قوله : { إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ } أى : إلى رحمته ورضوانه { سَبِيلاً } أى طريقا . والاستثناء عند الجمهور منقطع ، أى : لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه - سبحانه - سبيلا ، أى : بالإنفاق القائم مقام الأجر ، كالصدقة فى سبيل الله ، فليفعل .

وذهب البعض إلى أنه متصل . وفى الكلام مضاف مقدر ، أى : إلا فعل من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بالإيمان والطاعة حسبما أدعو إليهما ، أى : فهذا أجرى .

وفى ذلك قلع كلى لشائبة الطمع ، وإظهار لغاية الشفقة عليهم ، حيث جعل ذلك - مع كون نفعه عائدا عليهم - عائدا إليه صلى الله عليه وسلم فى صورة الأجر .

وعلى كلا الرأيين فالآية الكريمة تدل دلالة واضحة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يطلب أجرا من الناس على دعوته ، ولا يمنعهم من إنفاق جزء من أموالهم فى وجه الخير ، وأنه صلى الله عليه وسلم يعتبر إيمانهم بالحق الذى جاء به ، هو بمثابة الأجر له ، حيث إن الدال على الخير كفاعله .

ولقد حكى القرآن الكريم فى كثير من آياته ، أن جميع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ما سألوا الناس أجرا على دعوتهم إياهم إلى عبادة الله - تعالى - وطاعته . ومن هذه الآيات قوله - سبحانه - حكاية عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب - : { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

قُلْ ما أسألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْرٍ يقول له : قل لهؤلاء الذين أرسلتك إليهم ، ما أسألكم يا قوم على ما جئتكم به من عند ربي أجرا ، فتقولون : إنما يطلب محمد أموالنا بما يدعونا إليه ، فلا نتبعه فيه ، ولا نعطيه من أموالنا شيئا . إلاّ مَنْ شاءَ أنْ يَتّخِذَ إلى رَبّهِ سَبِيلاً يقول : لكن من شاء منكم اتخذ إلى ربه سبيلاً ، طريقا بإنفاقه من ماله في سبيله ، وفيما يقربه إليه من الصدقة والنفقة في جهاد عدوّه ، وغير ذلك من سبل الخير .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

ثم أمره تعالى بأن يحتج عليهم مزيلاً لوجوه التهم بقوله { ما أسألكم عليه من أجر } أي لا أطلب مالاً ولا نفعاً يختص بي ، وقوله { إلا من شاء } الظاهر فيه أنه استثناء منقطع ، والمعنى مسؤولي ومطلوبي من شاء أن يهتدي ويؤمن ويتخذ إلى رحمة ربه طريق نجاة ، قال الطبري المعنى لا أسألكم أجراً إلا إنفاق المال في سبيل الله فهو المسؤول وهو السبيل إلى الرب .

قال الفقيه الإمام القاضي : فالاستثناء على هذا كالمتصل ، وكأنه قال إلا أجر من شاء{[8856]} والتأويل الأول أظهر .


[8856]:أي: الأجر الحاصل لي من الله على دعوته إلى الإيمان وقبوله هذه الدعوة، لأن الله يأجرني على ذلك، وقيل: التقدير: إلا أجر من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا باتباع ديني حتى ينال كرامة الدنيا والآخرة. وقيل: المعنى: إلا أجر من آمن، ويريد بالأجر الإنفاق في سبيل الله، أي: لا أسألكم أجرا إلا الإنفاق في سبيل الله، فجعل الإنفاق أجرا. قاله في البحر والقرطبي.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

الأجر : العوض على العمل ولو بعمل آخر يقصد به الجزاء .

والاستثناء تأكيد لنفي أن يكون يسألهم أجراً لأنه استثناء من أحوال عامة محذوف ما يدل عليها لقصد التعميم ، والاستثناء معيار العموم فلذلك كثر في كلام العرب أن يجعل تأكيد الفعللِ في صورة الاستثناء ، ويسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم ، وبعبارة أتقن تأكيدَ الشيء بما يشبه ضده وهو مرتبتان : منه ما هو تأكيد محض وهو ما كان المستثنى فيه منقطعاً عن المستثنى منه أصلاً كقول النابغة :

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب

فإن فلول سيوفهم ليس من جنس العيب فيهم بحال ؛ ومنه مرتبة ما هو تأكيد في الجملة وهو ما المستثنى فيه ليس من جنس المستثنى منه لكنه قريب منه بالمشابهة لم يطلق عليه اسم المشبه به بما تضمنه الاستثناء كما في قوله : { قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى } [ الشورى : 23 ] ، ألا ترى أنه نفى أن يكون يسألهم أجراً على الإطلاق في قوله تعالى { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين } [ ص : 86 ] . فقوله تعالى : { إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً } من قبيل المرتبة الثانية لأن الكلام على حذف مضاف يناسب أجراً إذ التقدير : إلا عمل من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً ، وذلك هو اتباع دين الإسلام . ولما كان هذا إجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أشبه الأجر على تلك الدعوة فكان نظير قوله { قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى } [ الشورى : 23 ] . وقد يسمون مثل هذا الاستثناءِ الاستثناء المنقطع ويقدرونه كالاستدراك .

والسبيل : الطريق . واتخاذ السبيل تقدم آنفاً في قوله : { يا ليتني اتخذتُ مع الرسول سبيلاً } [ الفرقان : 27 ] . وجعل السبيل هنا إلى الله لأنه وسيلة إلى إجابته فيما دعاهم إليه وهذا كقوله تعالى : { فمن شاء اتخذ إلى ربه مئاباً } [ النبأ : 39 ] .

وذكر وصف الرب دون الاسم العلَم للإشارة إلى استحقاقه السير إليه لأن العبد محقوق بأن يرجع إلى ربه وإلاّ كان آبقاً .