المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

ثم أمره تعالى بأن يحتج عليهم مزيلاً لوجوه التهم بقوله { ما أسألكم عليه من أجر } أي لا أطلب مالاً ولا نفعاً يختص بي ، وقوله { إلا من شاء } الظاهر فيه أنه استثناء منقطع ، والمعنى مسؤولي ومطلوبي من شاء أن يهتدي ويؤمن ويتخذ إلى رحمة ربه طريق نجاة ، قال الطبري المعنى لا أسألكم أجراً إلا إنفاق المال في سبيل الله فهو المسؤول وهو السبيل إلى الرب .

قال الفقيه الإمام القاضي : فالاستثناء على هذا كالمتصل ، وكأنه قال إلا أجر من شاء{[8856]} والتأويل الأول أظهر .


[8856]:أي: الأجر الحاصل لي من الله على دعوته إلى الإيمان وقبوله هذه الدعوة، لأن الله يأجرني على ذلك، وقيل: التقدير: إلا أجر من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا باتباع ديني حتى ينال كرامة الدنيا والآخرة. وقيل: المعنى: إلا أجر من آمن، ويريد بالأجر الإنفاق في سبيل الله، أي: لا أسألكم أجرا إلا الإنفاق في سبيل الله، فجعل الإنفاق أجرا. قاله في البحر والقرطبي.