محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

{ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي على تبليغ الرسالة المفهوم من { أرسلناك } { مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا } أي يتقرب إليه بالإيمان والطاعة . أي إلى رحمته أو جنابه . فاتخاذ السبيل ، مراد به لازم معناه . لأن من سلك طريق شيء ، قرب إليه ، بل وصل .

قال الزمخشري : مثال { إلا من شاء } والمراد : إلا فعل من شاء . واستثنائه عن الأجر قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال : ( ما أطلب منك ثوابا على ما سعيت ، إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه ) فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب . ولكن صوره هو بصورة الثواب وسماه باسمه ، فأفاد فائدتين : إحداهما – قلع شبهة الطمع في الثواب من أصله . كأنه يقول لك : إن كان حفظك لمالك ثوابا ، فإني أطلب الثواب .

والثانية – إظهار الشفقة البالغة ، وأنك إن حفظت مالك اعتد بحفظك ثوابا ورضي به ، كما يرضى المثاب بالثواب .

ولعمري إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المبعوث إليهم بهذا الصدد وفوقه . انتهى . والاستثناء على هذا متصل ادعاء .