البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

ثم أمره تعالى أن يحتج عليهم مزيلاً لوجوه التهم بقوله { قل لا أسألكم عليه من أجر } أي لا أطلب مالاً ولا نفعاً يختص بي .

والضمير في { عليه } عائد على التبشير والإنذار ، أو على القرآن ، أو على إبلاغ الرسالة أقوال .

والظاهر في { إلاّ من شاء } أنه استثناء منقطع وقاله الجمهور .

فعلى هذا قيل بعباده { لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً } فليفعل .

وقيل : لكن من أنفق في سبيل الله ومجاهدة أعدائه فهو مسؤولي .

وقيل : هو متصل على حذف مضاف تقديره : إلاّ أجر من اتخذ إلى ربه سبيلاً أي إلاّ أجر من آمن أي الأجر الحاصل لي على دعائه إلى الإيمان وقبوله ، لأنه تعالى يأجرني على ذلك .

وقيل : إلاّ أجر من آمن من يعني بالأجرة الإنفاق في سبيل الله أي لا أسألكم أجراً إلاّ الإنفاق في سبيل الله ، فجعل الإنفاق أجراً .

ولما أخبر أنه فطم نفسه عن سؤالهم شيئاً أمره تعالى تفويض أمره إليه وثقته به واعتماده عليه فهو المتكفل بنصره وإظهار دينه .