المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَـٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (17)

17- واذكر - للعظة - يوم يحشر الله المشركين للحساب في يوم القيامة مع مَن عبدوهم في الدنيا من دون الله ، كعيسى وعزير والملائكة ، فيسأل الله المعبودين : أأنتم الذين أضللتم عبادي فأمرتموهم بأن يعبدوكم ، أم هم الذين ضلوا السبيل باختيارهم فعبدوكم ؟ .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَـٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (17)

يقول تعالى مخبراً عما يَقَع يوم القيامة من تقريع الكفار في عبادتهم مَن عبدوا من دون الله ، من الملائكة وغيرهم ، فقال : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ{[21432]} وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } . قال مجاهد : عيسى ، والعُزَير ، والملائكة . { فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } أي : فيقول الرب تبارك وتعالى [ للمعبودين ]{[21433]} أأنتم دعوتم هؤلاء إلى عبادتكم من دوني ، أم هم عبدوكم من تلقاء أنفسهم ، من غير دعوة منكم لهم ؟ كما قال الله تعالى : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ . مَا قُلْتُ لَهُم } {[21434]} إلى آخر الآية ؛ [ المائدة : 116 - 117 ] ولهذا قال تعالى مخبرًا عما يُجيِب به المعبودون يوم القيامة : { قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ }


[21432]:- في ف : "يحشرهم".
[21433]:- زيادة من أ.
[21434]:- بعدها في ف ، أ : (إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَـٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (17)

عُطف { ويوم نحشرهم } إما على جملة : { قل أذلك خير } [ الفرقان : 15 ] إن كان المراد : قل للمشركين ، أو عُطف على جملة : { وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا } [ الفرقان : 11 ] على جواز أن المراد : قل للمؤمنين .

وعلى كلا الوجهين فانتصاب { يوم نحشرهم } على المفعولية لفعل محذوف معلوم في سياق أمثاله ، تقديره : اذكر ذلك اليوم لأنه لما توعدهم بالسعير وما يلاقون من هولها بيّن لهم حال ما قبل ذلك وهو حالهم في الحشر مع أصنامهم . وهذا مظهر من مظاهر الهول لهم في المحشر إذ يشاهدون خيبة آمالهم في آلهتهم إذ يرون حقارتها بين يدي الله وتبرؤها من عُبّادها وشهادتها عليهم بكفرانهم نعمة الله وإعراضهم عن القرآن ، وإذ يسمعون تكذيب من عبدوهم من العقلاء من الملائكة وعيسى عليهم السلام والجن ونسبوا إليهم أنهم أمروهم بالضلالات .

وعموم الموصول من قوله : { وما يعبدون } شامل لأصناف المعبودات التي عبدوها ولذلك أوثرت ( ما ) الموصولة لأنها تصدق على العقلاء وغيرهم . على أن التغليب هنا لغير العقلاء . والخطاب في { أأنتم أضللتم } للعقلاء بقرينة توجيه الخطاب .