فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَـٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (17)

{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } أي اذكر ، وتعليق التذكير اليوم ، ومع أن المقصود ذكر ما فيه للمبالغة والتأكيد ، كما مر مرارا { وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ } غلب غير العقلاء من الأصنام والأوثان ونحوها على العقلاء من الملائكة والجن والمسيح تنبيها على أنها جميعا مشتركة في كونها غير صالحة لكونها آلهة ، أو لأن من يعبد من لا يعقل . أكثر ممن يعبد من يعقل منها . فغلبت اعتبارا بكثرة من يعبدها ، وقال مجاهد ، وابن جريج : المراد الملائكة والإنس والجن ، والمسيح وعزير بدليل خطابهم وجوابهم فيما بعد ، وقال الضحاك وعكرمة والكلبي : المراد الأصنام خاصة ، وأنها وإن كانت لا تسمع ولا تتكلم ، فإن الله سبحانه يجعلها يوم القيامة سامعة ناطقة ، وقيل عام و { ما } يتناول العقلاء وغيرهم ، لأنه أريد به الوصف كأنه قيل ومعبوديهم .

{ فَيَقُولُ } الله تعالى إثباتا للحجة على العابدين ؛ وتقريعا وتبكيتا لهم { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء } الاستفهام للتوبيخ والتقريع ، والمعنى إن كان ضلالهم بسببكم ؛ وبدعوتكم لهم إلى عبادتكم { أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } أي طريق الحق بأنفسهم لعدم التفكر فيما يستدل به على الحق والتدبر فيما يتوصل به إلى الصواب