الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَـٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (17)

قوله : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } : قرأ ابنُ عامر " نَحْشُرهم " ِ " فنقول " بالنون فيهما . وابنُ كثير وحفصٌ بالياء مِنْ تحت فيهما . والباقون بالنونِ في الأولِ ، وبالياءِ في الثاني . وهنَّ واضحاتٌ . وقرأ الأعرج " نَحْشِرُهم " بكسر الشين في جميع القرآن . قال ابن عطية : " هي قليلةٌ في الاستعمالِ قويةٌ في القياس ؛ لأنَّ يَفْعِلِ بكسرِ العين في المتعدِّي أَقْيَسُ مِنْ يَفْعُل بضمِّ العين " . وقال أبو الفضل الرازي : " وهو القياس في الأفعالِ الثلاثيةِ المتعديةِ ؛ لأنَّ يَفْعُل بضهم العين قد يكونُ من اللازمِ الذي هو فَعُل بضمِّها في الماضي " . قال الشيخ : " وليس كما ذكرا ، بل فِعْلُ المتعدِّي الصحيحُ جميعُ حروفِه ، إذا لم يكن للمغالبةِ ولا حلقيَّ عينٍ ولا لامٍ فإنه جاء على يَفْعِل ويَفْعُل كثيراً . فإنْ شُهرِ أحدُ الاستعمالين اتُّبعَ ، وإلاَّ فالخيارُ . حتى إنَّ بعضَ أصحابِنا خَيَّر فيهما : سُمِعا للكلمة أو لم يُسْمَعا " . قلت : الذي خَيَّرَ في ذلك هو ابنُ عصفور فيُجيزُ أَنْ تقولَ : " زيد يَفْعِل " بكسرِ العينِ ، و " يَضْرُب " [ بضمِّ ] الراءِ مع سماعِ الضمِّ في الأول والكسرِ في الثاني . وسبَقَه إلى ذلك ابنُ درستويهِ ، إلاَّ أنَّ النحاةَ على خلافِه .

قوله : { وَمَا يَعْبُدُونَ } عطفٌ على مَفْعولِ " نَحْشُرهم " ويَضْعُفُ نصبُه على المعيَّة . وغَلَّب غيرَ العاقلِ فأتى ب " ما " دونَ " مَنْ " .

قوله : { هَؤُلاَءِ } يجوزُ أن يكونَ نعتاً لعِبادي ، أو بدلاً ، أو بياناً .

قوله : { ضَلُّوا السَّبِيلَ } على حَذْفِ الجرِّ وهو " عن " ، كما صَرَّح به في قوله { يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ } [ الأنعام : 117 ] ثم اتُّسِع فيه فَحُذِف نحو : " هَدَى " ، فإنه يتعدَّى ب " إلى " ، وقد يُحْذَفُ اتِّساعاً . و " ظَلَّ " مطاوعُ أَضَلَّ .