غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَـٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (17)

1

قوله { يوم نحشرهم } رجوع إلى قوله { واتخذوا من دونه آلهة } وظاهر قوله { وما يعبدون } أنها الأصنام وظاهر قوله { أأنتم أضللتم } أنه من عبد من العقلاء كالملائكة والمسيح فلأجل هذا اختلفوا فحمله قوم ومنهم الكلبي على الأوثان ثم قالوا : لا يبعد أن يخلق الله تعالى فيها الحياة والنور والنطق ، أو أراد أنهم تكلموا بلسان الحال . وقال الأكثرون : إنه عام للأصنام وللمعبودين العقلاء نظيره قوله { ويوم يحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } [ سبأ : 40 ] ثم قالوا : إن لفظة " ما " قد تستعمل في العقلاء ، أو أريد به الوصف كأنه قيل : ومعبوديهم كما إذا أردت السؤال عن صفة زيد فتقول : " ما زيد " تريد أطويل أم قصير . والسائل الله وحده أو الملائكة بإذنه . وإنما قال أنتم وهم ولم يقل " أأضللتم عبادي هؤلاء أم ضلوا السبيل " ، لأن السؤال وقع عمن تولى فعل الإضلال لا عن نفس الإضلال . وفائدة هذا السؤال من علام الغيوب أن يجيب المعبودين بما أجابوا به حتى يحصل لعبدتهم الإلزام والتوبيخ كما قال لعيسى { أأنت قلت للناس } [ المائدة : 116 ] وكان القياس أن يقال : ضلوا عن السبيل إلا أنهم تركوا الجار كما تركوه في هداه الطريق والأصل هداه إلى الطريق أو للطريق .

/خ1