تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ وَمَا يَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ ءَأَنتُمۡ أَضۡلَلۡتُمۡ عِبَادِي هَـٰٓؤُلَآءِ أَمۡ هُمۡ ضَلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (17)

[ الآية 17 ] وقوله تعالى : { ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل } اختلف [ فيه ]{[14349]} قال بعضهم : يحشر أولئك الذين عبدوا دون الله والمعبودين ، وهم الملائكة ، لأن من العرب من قد عبدوا [ الملائكة من دون الله ]{[14350]} كقوله في آية أخرى : { ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } { قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم } الآية [ سبإ : 40-41 ] .

وقال [ بعضهم : هو ]{[14351]} عيسى ، يحشر بينه وبين من عبدوه لأنه قد عبد دون الله ، فيقول له ما ذكر [ وهو قوله ]{[14352]} { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } الآية [ المائدة : 115 ] .

وقال بعضهم : يحشر الأصنام ومن عبدها ، ثم يأذن لها في الكلام ، فيقول : { أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل } كقوله : { ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم } إلى قوله : { إن كنا عن عبادتكم لغافلين } [ يونس : 28 و29 ] .

ولو كان عيسى عليه الصلاة والسلام والملائكة لكانوا عالمين بعبادتهم إياهم غير غافلين . دل ذلك أنها الأصنام التي عبدوها دون الله ، وإياها يسألون ، وكل ذلك محتمل ، إذ قد كان منهم ذلك كله . والله أعلم .

وقوله تعالى : { أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل } والله تعالى كان عالما ما كان منهم . لكن السؤال إياهم ، والله أعلم ، يخرج مخرج توبيخ أولئك الكفرة وتعييرهم لأنهم يعبدون من دون الله ، ويقولون : هم أمروهم بذلك ، وكانوا مقبولي القول عندهم صادقين في ما يخبرون ، ويقولون .

فأراد أن يظهر كذبهم عند الخلائق . لذلك سألهم ، والله أعلم ، بالكائن منهم من أنفسهم . لكنه يخرج على ما ذكرنا . ثم نزهوه عن جميع ما لا يليق به ، وبرؤوا أنفسهم عن أن يكون منهم أمر أو شيء مما نسبوا أولئك إليهم ، وهو أعلم بهم .


[14349]:- ساقطة من الأصل وم.
[14350]:- في الأصل: من دون الله، في م: الملائكة.
[14351]:- من م، ساقطة من الأصل.
[14352]:- في الأصل وم: كقوله.