ولما ذكر تعالى حالهم في نفسهم أتبعه ذكر حالهم مع معبوداتهم من دونه بقوله تعالى :
{ ويوم } أي : واذكر لهم يوم { نحشرهم } أي : المشركين ، وقرأ ابن كثير وحفص بالياء ، والباقون بالنون ، واختلف في المراد بقوله تعالى : { وما يعبدون من دون الله } أي : غيره فقال الأكثرون : من الملائكة والجن والمسيح وعزير وغيرهم ، وقال عكرمة والضحاك والكلبي : من الأصنام ، فقيل لهم : كيف يخاطب الله تعالى الجماد بقوله تعالى : { فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } أي : أوقعتموهم في الضلال بأمركم إياهم بعبادتكم { أم هم ضلوا السبيل } أي : طريق الحق بأنفسهم ، فأجابوا بوجهين :
أحدهما : أنه تعالى يخلق الحياة فيها ويخاطبها .
ثانيهما : أن يكون ذلك بالكلام النفساني لا بالقول اللساني بل بلسان الحال كما ذكره بعضهم في تسبيح الجماد وكلام الأيدي والأرجل ، ويجوز أن يكون السؤال عاماً لهم جميعاً ، فإن قيل : كيف صح استعمال ما في العقلاء ؟ أجيب : على الأول : بأنه أريد به الوصف كأنه قيل : ومعبوديهم ألا تراك تقول إذا أردت السؤال عن صفة زيد : ما زيد تعني أطويل أم قصير ، فقيه أم طبيب ؟ ، وقال تعالى : { والسماء وما بناها } ( الشمس ، 5 ) { ولا أنتم عابدون ما أعبد } ( الكافرون ، 3 ) ، وأما على القول الثاني : فواضح ، وأما على القول الثالث : فغلب غير العاقل لغلبة عباده أو تحقيراً ، فإن قيل : ما فائدة هذا السؤال مع أن الله تعالى كان عالماً في الأزل بحال المسؤول عنه ؟ أجيب : بأن هذا سؤال تقريع للمشركين كما قال لعيسى عليه السلام : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } ( المائدة ، 116 ) ، وقرأ ابن عامر فنقول بالنون ، والباقون بالياء ، وقرأ أأنتم نافع وابن كثير بتسهيل الثانية وإدخال ألف بينها وبين همزة الاستفهام ، وورش وابن كثير بتسهيل الثانية ولا ألف بينهما وبين الأولى ولورش وجه آخر وهو إبدال الثانية ألفاً ، وهشام بتسهيل الثانية وتحقيقها مع الإدخال ، والباقون بتحقيقهما ، وقرأ هؤلاء أم هم نافع وابن كثير وأبو عمرو في الوصل بإبدال الهمزة من أم ياء خالصة ، والباقون بتحقيقها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.